اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ، وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) ، سورة الأنعام الآية ٩٤ (١).
فأهدر الرسول دمه ولما فتح مكّة أمن الناس كلهم إلا أربعة نفر وامرأتين ، ولو وجدوا تحت أستار الكعبة ، أحدهم عبد الله ، ففرّ إلى عثمان فغيّبه عثمان حتّى أتى به رسول الله بعد ما اطمأنّ أهل مكة فاستأمنه له فصمت رسول الله (ص) طويلا ثمّ قال : نعم. فلمّا انصرف عثمان ، قال رسول الله (ص) لمن حوله : ما صمت إلّا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه ، فقال رجل من الأنصار : فهلا أومأت إليّ يا رسول الله ، فقال : انّ النبيّ لا ينبغى أن تكون له خائنة الأعين (٢).
هذا هو عبد الله بن سعد (٣) ، ولمّا استخلف عثمان كان عمرو بن العاص على مصر فعزله عن الخراج وأقرّه على الصلاة والجند ، واستعمل عبد الله على الخراج فتداعيا فعزل عمرا وأضاف الصلاة إلى ابن أبي سرح. وبعد مقتل عثمان اعتزل عبد الله وكره معاوية وقال : لم أكن لأجامع رجلا عرفته إن كان يهوى قتل عثمان ، وتوفّي في خلافة عليّ بالرملة ، قال الذهبي : له رواية حديث.
ب وج ـ مروان والحارث ابنا الحكم بن أبي العاص عمّ عثمان
روى البلاذري أنّ الحكم بن أبي العاص كان جارا لرسول الله في الجاهليّة ، وكان أشدّ أذى له في الإسلام وكان قدومه المدينة بعد فتح مكّة وكان مغموصا عليه في دينه فكان يمرّ خلف رسول الله فيغمز به ويخلج بأنفه وفمه ، وإذا صلّى قام خلفه فاشار باصابعه ، فبقي على تخليجه وأصابته خبلة ، واطّلع على رسول الله ذات يوم وهو في بعض حجر نسائه فعرفه وخرج إليه بعنزة وقال : من عذيري من هذا الوزغة اللعين ، ثمّ قال : لا يساكنني ولا ولده.
فغرّبهم جميعا إلى الطائف فلمّا قبض رسول الله كلّم عثمان أبا بكر فيهم وسأله ردّهم فابى ذلك وقال : ما كنت لآوي طرداء رسول الله ، ثمّ لمّا استخلف عمر كلّمه فيهم فقال مثل قول أبي بكر ، فلمّا استخلف عثمان ادخلهم المدينة (٤).
ويوم قدم المدينة كان عليه خزر خلق ، وهو يسوق تيسا والناس ينظرون إلى
__________________
(١) تفسير الكشاف ٢ / ٣٥ ، وأنساب الأشراف ٥ / ٤٩.
(٢) اجمع مترجموه على ذلك واللفظ بترجمته من أسد الغابة وسنن أبي داود ٤ / ١٢٨ ، وراجع تفسير الآية بتفسير القرطبي والرازي والبيضاوي والخازن والنسفي والشوكاني.
(٣) من هنا إلى آخر ترجمة عبد الله نقلناه بإيجاز من ترجمته بسير النبلاء للذهبي ٣ / ٢٣ ـ ٢٤.
(٤) أنساب الأشراف ٥ / ٢٧.