أقطع معاوية بعد موت الحسن بن عليّ مروان بن الحكم ثلث فدك ، وأقطع عمرو بن عثمان بن عفّان ثلثها ، وأقطع يزيد بن معاوية ثلثها ، فلم يزالوا يتداولونها حتى خلصت كلها لمروان (١).
روى ابن سعد في طبقاته أنّ معاوية لمّا نزع مروان عن ولاية المدينة وغضب عليه قبض فدك منه فكانت بيد وكيله في المدينة ، فطلبها الوليد بن عتبة بن أبي سفيان من معاوية فأبى معاوية أن يعطيه ، وطلبها سعيد بن العاص فأبى معاوية أن يعطيه ، فلمّا ولى معاوية مروان المدينة المرّة الأخيرة ردّها عليه بغير طلب من مروان وردّ عليه غلّتها في ما مضى فكانت بيد مروان (٢).
ووهم بعضهم فظنّ أنّ معاوية كان أول من أقطع فدك مروان في حين إنّ عثمان أقطعها إيّاه قبل معاوية ولعل سبب الوهم هو دفع معاوية فدك إلى مروان في المرة الأخيرة كما ذكرنا.
على عهد خلفاء بني أمية بعد معاوية
كان تصرّف سائر خلفاء آل أميّة في الخمس ـ عدا ابن عبد العزي ز ـ تصرّف المرء في ما يملكه ، يهبونه تارة لمن يشاءون كما يشاءون ، وأخرى يكتنزونها في كنوزهم مع غيرها ممّا يستولون عليه مثل الوليد بن عبد الملك حين دفعها إلى ابنه عمر كما في سنن النسائي قال :
كتب عمر بن عبد العزيز الى عمر بن الوليد كتابا فيه : وقسم أبيك لك الخمس كلّه ، وإنّما سهم أبيك كسهم رجل من المسلمين وفيه حقّ الله وحقّ الرسول وذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فما أكثر خصماء أبيك ، فكيف ينجو من كثرت خصماؤه؟ وإظهارك المعازف والمزمار ، بدعة في الإسلام ، ولقد هممت أن أبعث إليك من يجز جمتك جمّة السوء (٣).
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ج ٤ / ٨٠.
(٢) طبقات ابن سعد ٥ / ٢٨٨.
(٣) النسائي ، باب قسم الفيء ٢ / ١٧٨.
وعمر هذا : هو ابن الوليد بن عبد الملك بن مروان. قال السيوطي في تاريخ الخلفاء ص ٢٢٣ ـ ٢٢٤: وكان الوليد جبارا ظالما ، وكان لحانا ، ولي الخلافة في شوال سنة ست وثمانين ، ومات في نصف جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وله إحدى وخمسون سنة.