وما قاله أبو حنيفة فمخالف لظاهر الآية فإنّ الله تعالى سمّى لرسوله وقرابته شيئا وجعل لهما في الخمس حقّا كما سمّى الثلاثة الاصناف الباقية فمن خالف ذلك فقد خالف نصّ الكتاب ، وأما حمل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما على سهم ذي القربى في سبيل الله فقد ذكر لأحمد فسكت وحرّك رأسه ولم يذهب إليه ، ورأى أنّ قول ابن عبّاس ومن وافقه أولى ، لموافقته كتاب الله وسنّة رسول الله (ص) ...» (١)
ورأى أبو يعلى والماوردي أنّ تعيين مصرف الخمس منوط باجتهاد الخلفاء (٢).
* * *
لقد طال بنا الحديث عن اجتهاد الخلفاء في الخمس وحقّ ابنة الرسول وتشعّب ولا بدّ لنا من أجل استيعاب الفكرة وأخذ النتيجة أن نلخّص البحث ونضيف إليه بعض الإيضاحات في ما يلي :
خلاصة البحث :
من أجل فهم مغزى اجتهاد الخلفاء في الخمس وفي حقّ ابنة الرسول بعد ما لابسهما الغموض خلال أحقاب طويلة ، اضطررنا أوّلا إلى درس المصطلحات الإسلامية : الزكاة والصدقة والفيء والصفيّ والأنفال والغنيمة والخمس فوجدنا :
أ ـ إنّ الزكاة في الشرع الإسلامي بمعنى : عامّة حقّ الله في المال.
ب ـ وأنّ الصدقة : اسم لما يجب إخراجه من النقدين والغلّات والأنعام إذا بلغ أحدها النصاب ، وما فرض دفعه يوم عيد الفطر. وممّا يدلّ على ما ذكرنا ؛ أنّ الخمس والصدقة والصفيّ ذكرت في كتاب رسول الله لبيان أنواع الزكاة. إذا فالصدقة صنف من أصناف الزكاة وليست مرادفة لها ، وبالإضافة إلى ذلك لنا أن نقول : كيف تكون الزكاة بمعنى الصدقة وقد وردت في الآيات المكيّة وقبل أن ينزل تشريع الصدقة في المدينة (٣)؟ وعلى ضوء ما ذكرنا تفسّر الزكاة في الحديث الشريف «إذا أدّيت زكاة مالك
__________________
(١) المغني لابن قدامة ج ٧ / ٣٠١ باب تسمية الفيء والغنيمة. وابن قدامة هو موفق الدين ، أبو محمد عبد الله بن محمّد بن أحمد بن محمود بن قدامة (ت ٦٣٠ ه).
(٢) باب قسم الفيء من الأحكام السلطانية للماوردي ص ١٢٦ ، وص ١٢٠ من الأحكام السلطانية لأبي يعلى.
(٣) مثل قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) الآية ٤ سورة «المؤمنون» ، وقوله تعالى : (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) الآية ١٥٦ من الأعراف ، وكذلك الزكاة في الآيات ١٣ و ٣١ و ٥٥ ـ