فقد قضيت حقّ الله في المال» : بأنّه إذا أدّيت المفروض عليك في مالك فقد قضيت حقّ الله ، وأمّا الدفع المستحبّ من المال فهو نفل وليس بحقّ ، وكذلك تفسّر في الحديث «من استفاد مالا فلا زكاة حتّى يحول الحول» بانّه لا حقّ لله في ماله حتّى يحول الحول. وكذلك الشأن في نظائرهما.
الصدقة مشتركة في ما ذكرناه آنفا وفي ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة نفلا كان أو فرضا ، والفرق بينهما أنّ الحقّ المفروض في النقدين والغلّات والأنعام اذا اخذها الحاكم قهرا يكون زكاة وصدقة واجبة وليس بالصدقة التي يخرجها الإنسان على وجه القربة.
ج ـ وأنّ الفيء : ما حصل من أموال الكفّار من غير حرب. وأجمعوا على أنّ أموال بني النضير كانت من الفيء ، وأنّ النبي تصرّف فيها تصرّف الملّاك في أملاكهم.
د ـ الأنفال ، جمع النفل : العطيّة والهبة ، والنفل : الزيادة على الواجب ، وانفله : أعطاه زيادة واستعمل الأنفال في القرآن الكريم في غزاة بدر حين سلب الله عن المسلمين تملّك ما حازوه من المشركين يوم ذاك. واستعمل في أحاديث أئمة أهل البيت وأريد به كلّ ما أخذ من دار الحرب بغير قتال وكلّ أرض انجلى عنها أهلها بغير حرب وعلى قطائع الملوك والآجام والأرضين الموات وما شابهها.
ه ـ وأن الغنيمة والمغنم : كانت العرب في الجاهلية والإسلام تقول : غنم الشيء غنما إذا فاز به بلا مشقّة ، والاغتنام : انتهاز المغنم ، والمغنم ما يغنم ، وتقول لما يحصل من جهة العدى ـ وهو ما لا يخلو من مشقة ـ : سلبه ، إذا أخذ ما على المسلوب وما معه من ثياب وسلاح ودابّة ، وتقول : حربه ، إذا أخذ كلّ ماله ، وكانت النهيبة والنهبى عندهم تساوق الغنيمة والمغنم في عصرنا. وأوّل ما استعمل مادّة «غنم» في كسب المال مطلقا وبلا لحاظ «الفوز بلا مشقّة» كان في القرآن الكريم ، وفي ما جمع من مال العدوّ ببدر ، وبعد أن سلب الله ملكية الإفراد عنه وسمّاه الأنفال وجعله لله ولرسوله ثمّ جعله مغنما للجماعة ، وشرع الله في الآية دفع الخمس من مطلق المغانم لله ولرسوله ولذوي قرباه بعد أن كان في الجاهلية المرباع للرئيس خاصّة ، وعمّم مورد الأخذ وجعله من مطلق المغانم ونزّل الفرض من الربع إلى الخمس ووزّعه على ستة سهام بدل أن يكون
__________________
ـ من سورة مريم ، و ٧٣ من سورة الأنبياء ، وفرضت الصدقة في السنة السابعة أو الثامنة أو التاسعة من بعد هجرة الرسول إلى المدينة.