سهما واحدا وخاصّا بالرئيس.
وممّا يدلّ على أنّ الخمس فرض دفعه من مطلق المغانم ـ بالإضافة إلى ما ذكرنا ـ : إجماع المسلمين على أنّ الرسول أخذ الخمس من المال المستخرج من الأرض معدنا أو كنزا وهو ليس ممّا حازه المسلمون من العدى في الحرب.
ويدلّ على ذلك من السنّة ـ أيضا ـ أمر الرسول وفد عبد القيس أن يدفعوا «الخمس من المغنم» ، قال لهم ذلك عند ما سألوه أن يعلّمهم أحكام الإسلام كي يعلموا قبيلتهم فانهم لا يستطيعون الخروج من حيّهم في غير الاشهر الحرم خوفا من مضر ولا يتصور لهذه القبيلة أن تكون غازية ليكون المراد من المغنم هنا غنائم الحرب ، فلا بدّ إذا أن يكون المراد من المغنم مطلق المال المكتسب.
وكذلك الشأن في ما ورد في كتب الرسول لسائر القبائل العربية الّتي أسلمت ، وكذلك في عهوده لولاته ، مثل ما ورد في كتاب عهده لولاته الّذين بعثهم إلى اليمن بعد إسلام أهل اليمن «أن يأخذ ـ الوالي ـ من المغانم خمس الله وما كتب على المؤمنين الصدقة».
وكذلك ما ورد في كتاب الرسول لقبيلة سعد «أن يدفعوا الخمس والصدقة لرسوليه» فإنّ هذه القبيلة لم تكن قد خاضت حربا ليطلب النبيّ منها أن تدفع إلى رسوليه خمس غنائم حربهم ، وإنّما طلب منهم دفع الصدقة من مواردها ودفع خمس أرباحهم.
وكذلك المراد من خمس المغنم في سائر كتبه إلى القبائل العربية المسلمة ، خمس أرباح مكاسبها
ويؤكّد ما ذكرنا ، أنّ حكم الحرب في الإسلام يخالف ما كانت عليه العرب في الجاهلية حيث كان لكلّ قبيلة الحقّ في الإغارة على غير حلفائها ونهب أموالهم كيف ما اتفق ، وعند ذاك يملك كلّ فرد ما نهب وسلب وحرب وما عليه شيء عدا دفع المرباع للرئيس ، ليس الأمر هكذا في الإسلام لتصحّ مطالبة النبيّ القبائل بخمس غنائم حروبهم بدل الربع بل إنّ الحاكم الأعلى في الإسلام هو الّذي يقرّر الحرب وفق قوانين الإسلام ، والمسلمون ينفّذون أوامره ، ثم إنّ الحاكم هو الّذي يلي بعد الفتح قبض الغنائم أو يلي ذلك نائبه ، ولا يملك أحد من الغزاة غير سلب القتيل شيئا ، بل يأتي كلّ غاز بما سلب حتّى الخيط والمخيط وإلّا عدّ من الغلول الّذي هو عار وشنار على أهله ونار