القربى لقرابة الإمام ، وقال قوم : بل يجعلان في السلاح والعدّة ، وقال آخرون : إنّ تعيين مصرف الخمس منوط باجتهاد الخلفاء.
وقال بعضهم في منع عمر أهل البيت خمسهم : «إنّه من باب الاجتهاد» «وانّ عمر لم يخرج بما حكم عن طريقة الاجتهاد ومن قدح في ذلك فانّما يقدح في الاجتهاد الّذي هو طريق الصحابة» و «إنّها مسألة اجتهادية» وقالوا في جواب من انتقده وقال «إنّه أعطى أزواج النبي وافرض ، ومنع فاطمة وأهل البيت من خمسهم ... ولم يكن ذلك في زمن النبيّ» قالوا في جوابه : «إنّه من مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية» (١).
ولا يعزب عن بالنا انّ كلّ هذا الكلام يجري في مورد خمس غنائم الفتوح ، وأنّ كلّ هؤلاء القائلين بهذه الأقوال يقولون : إنّ الآية الكريمة (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ...) إنّما تخصّ خمس غنائم الفتوح. إذا فإنّ هؤلاء يقولون ـ مع تعيين الله سبحانه مصرف خمس غنائم الفتوح في هذه الآية ـ ؛ فإنّ تعيين مصرف الخمس منوط باجتهاد الخلفاء».
وقد عيّن الخلفاء مصرف الخمس كما يلي :
اجتهد أبو بكر وعمر فمنعا فاطمة ابنة رسول الله وسائر ذوي قربى الرسول وأقربائه من بني هاشم وبني المطّلب من سهامهم في الخمس ، وزاد عثمان في هذه المسألة اجتهادا فدفع الخمس وتركة الرسول إلى أقاربه ووصل بذلك رحمهم ، وزاد معاوية في هذه المسألة اجتهادا فضمّ إلى ذلك كلّ صفراء وبيضاء وروائع غنائم الفتوح وأدخل كلهنّ خزائنه الخاصّة ، واجتهد الخلفاء الأمويّون والعبّاسيّون من بعد اولئك فأدخلوا الخمس خزائنهم الخاصّة وأنفقوا من كلّ ذلك على الشعراء الخلعاء والجواري المغنّيات.
واجتهد العلماء وعدّوا كل ما فعله الخلفاء حكما من أحكام الشرع الإسلامي وأنّ على المسلمين أن يدينوا به وأنّ من خالف ذلك فقد خالف السنّة والجماعة.
إذا فإنّ قولهم «اجتهد الخليفة في المسألة» يعني : إنّ الخليفة ارتأى ذلك ، وأنّ «المسألة اجتهاديّة» يعني : إنّ رأي الخليفة فيها هو الحكم الإسلامي! وعلى هذا فإنّهم يقولون : قال الله وقال رسوله واجتهدت الخلفاء ، وإنّ اجتهاد الخلفاء مصدر للتشريع
__________________
(١) أي أن مخالفة عمر لرسول الله هي من باب مخالفة مجتهد لمجتهد آخر.