وقالوا في الجواب أيضا : انّ تخصيص الآية وتقييدها ـ بغنائم دار الحر ب ـ أولى بطلب الدليل عليه (١) وانّ على من يخصّص الآية بها إقامة الدليل (٢).
وممّا يؤيّد هذه الأجوبة ما ذكره القرطبي من مدرسة الخلفاء بتفسير الآية قال : والاتّفاق ـ أي اتّفاق علماء مدرسة الخلفاء ـ حاصل على انّ المراد بقوله تعالى (أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) مال الكفّار اذا ظفر به المسلمون على وجه الغلبة والقهر ، ولا تقتضي اللغة هذا التخصيص على ما بيّناه (٣).
إذا فتخصيص الغنائم بغنائم دار الحرب خلاف المتبادر من اللفظ عند أهل اللغة ، وقول علماء مدرسة الخلفاء بالتخصيص يخالف المعنى المتبادر من اللفظ عند إطلاقه.
وأجيب على الإيراد أيضا : بأنّ الآية وإن كانت نازلة في مورد خاص ـ هو غزوة بدر ـ ولكن من المعلوم عدم اختصاصها بذلك المورد الخاصّ حتّى انّ من ذهب من العامّة إلى عدم وجوب الخمس في مطلق الغنائم لم يخصّه بخصوص مورد الآية بل عمّمه إلى مطلق الغنائم المأخوذة في الحروب. انّا لو بنينا على الجمود في استفادة الحكم من الآية بحيث لم نتعدّ موردها بوجه لوجب القول بعدم وجوب الخمس إلّا على من شهد غزوة بدر في ما اغتنم من المشركين في تلك الغزوة ، ولم يقل بهذا احد ، فلا بدّ من التعدّي من مورد الآية لا محالة ، فنحن نتعدّى منه إلى مطلق ما يصدق عليه الغنيمة سواء كان مكتسبا من الحرب أو التجارة أو الصناعة أو غير ذلك (٤).
وبالإضافة إلى استدلالهم بآية الخمس يستدلّون بما ورد عن أئمة أهل البيت في هذا الحكم كما يفعلون في سائر الأحكام فانّ الرسول قد أمر بالتمسّك بهم في حديث الثقلين وغيره ، سواء أسند الأئمة حديثهم إلى جدّهم الرسول مثل الحديث الّذي رواه الصدوق في الخصال عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عن النبي (ص) قال في وصيّته له : يا عليّ إنّ عبد المطّلب سنّ في الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في الإسلام ، حرّم نساء الآباء على الأبناء فأنزل الله عزوجل (وَلا تَنْكِحُوا
__________________
(١) مسالك الإفهام ج ٢ / ٨٠.
(٢) الخلاف للشيخ الطوسي ج ٢ / ١١٠ ، وج ١ / ٣٥٨ ، وقريب منه لفظ مصباح الفقيه ص ١٩ من كتاب الخمس.
(٣) تفسير القرطبي ٨ / ١.
(٤) تقريرات الحاج السيد حسين البروجردي زبدة المقال ص ٥.