في وادي عقيق أخبر عمر بنزول الوحي ، عليه وفي منزل عسفان أخبر سراقة بذلك في جواب سؤاله كما رواه أبو داود قال :
حتى إذا كان ـ رسول الله (ص) ـ بعسفان قال له سراقة بن مالك المدلجي : يا رسول الله اقض لنا قضاء قوم كانما ولدوا اليوم ، فقال : «إن الله تعالى قد أدخل عليكم في حجّكم هذا عمرة ، فإذا قدمتم فمن تطوّف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد حلّ إلّا من كان معه هدي» (١).
عسفان بين الجحفة ومكّة والجحفة تبعد عن مكة أربع مراحل.
وفي سرف الّتي تبعد ستة أميال أو أكثر من مكة بلّغ عامّة أصحابه أنّ من أحبّ أن يجعلها عمرة فليفعل ، كما روته عائشة قالت : خرجنا مع رسول الله في أشهر الحجّ وليالى الحجّ وحرم الحجّ فنزلنا بسرف ، قالت : فخرج إلى اصحابه فقال : «من لم يكن معه هدي فأحبّ أن يجعلها عمرة فليفعل ومن كان معه الهدي فلا» قالت : فالآخذ بها والتارك لها من أصحابه (٢).
يظهر ممّا سبق أن التاركين لها كانوا من مهاجرة قريش الذين كانوا يرون في الجاهلية أنّ العمرة في أشهر الحجّ من أفجر الفجور.
وكرّر التبليغ بذلك بعد نزولهم بطحاء مكّة حسب ما رواه ابن عبّاس قال :
قدم لأربع مضين من ذي الحجّة فصلّى بنا الصبح بالبطحاء ثمّ قال : «من شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها» (٣).
هكذا تدرّج الرسول في تبليغ هذا الحكم حتى إذا ما أتمّوا الطواف والسعي ، نزل
__________________
(١) سنن أبي داود ج ١ / ١٥٩ باب في الإقران ، الحديث ١٨٠١ من المناسك ، والمنتقى لابن تيمية ، باب ما جاء في فسخ الحجّ الى العمرة ، الحديث ٢٤٢٧.
وسراقة بن مالك بن جعشم أبو سفيان الكناني المدلجي. كان يسكن قديدا بالقرب من مكّة ، وهو الذي تبع الرسول حين هاجر إلى المدينة ليرده إلى قريش فيأخذ الجعالة مائة ناقة فساخت قوائم فرسه ، أسلم عام الفتح مات سنة أربع وعشرين روى عنه غير مسلم من أصحاب الصحاح تسعة عشر حديثا. تقريب التهذيب ١ / ٢٨٤ ، وجوامع السيرة ص ٢٨٣. وسيرة ابن هشام ٢ / ١٠٣ و ٢٥٠ و ٣٠٩.
(٢) صحيح البخاري ١ / ١٨٩ باب قوله تعالى الحجّ أشهر معلومات ، وصحيح مسلم ص ٨٧٥ الحديث ١٢٣ و ١٢١ بإيجاز ، وكذلك بسنن البيهقي ٤ / ٣٥٦ باب المفرد أو القارن يريد العمرة ... ، ومصنف ابن أبي شيبة ٤ / ١٠٢.
(٣) سنن البيهقي ٥ / ٤.