عليه القضاء في ذلك فأمرهم جميعا بذلك ، كما رواه البيهقي قال :
... نزل عليه القضاء وهو بين الصفا والمروة فامر أصحابه من كان منهم اهلّ بالحجّ ولم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة وقال : «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولكنّي لبّدت رأسي وسقت هديي فليس لي محلّ إلّا محلّ هديي» فقام إليه سراقة بن مالك (رض) فقال : يا رسول الله! اقض لنا قضاء قوم كأنّما ولدوا اليوم أعمرتنا هذه لعامنا أم للأبد؟ فقال رسول الله (ص) : بل للأبد دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة ... (١).
* * *
في الأحاديث السابقة قال رسول الله (ص) لعمر : أمرني ربّي أن أقول «عمرة في حجّة» أو «عمرة وحجّة» أي أن أنوي في سفرى هذا الجمع بين الحجّ والعمرة.
وقال في جواب سراقة بعسفان : إنّ الله قد أدخل في حجّكم هذا عمرة ، خصّ التبليغ في حجّهم ذاك.
ثمّ بلّغ عامّة الحاجّ معه بسرف بلفظ من أحبّ أن يجعلها عمرة وفي بطحاء مكة بلفظ من شاء أن يجعلها ، حتى إذا حان وقت الأداء والإحلال من العمرة بلّغهم كافّة أنّ العمرة دخلت في الحجّ للأبد.
وقول سراقة في الحرّتين (قضاء قوم كأنّما ولدوا اليوم) يقصد بغضّ النظر عمّا كانت عليه قريش في الجاهلية. وهاهنا تواترت الروايات بما فعله الرسول وكيف بلّغ حكم التمتّع بالعمرة إلى الحجّ كما يأتي :
قال أنس كما في مسند أحمد والمنتقى : خرجنا نصرخ بالحجّ فلمّا قدمنا مكّة أمرنا رسول الله أن نجعلها عمرة وقال «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لجعلتها عمرة ولكنّي سقت الهدي وقرنت بين الحجّ والعمرة» (٢).
وقال أبو سعيد الخدري كما في صحيح مسلم ومسند أحمد : خرجنا مع رسول الله نصرخ بالحجّ صراخا فلمّا قدمنا مكّة أمرنا أن نجعلها عمرة إلّا من ساق الهدي فلمّا
__________________
(١) سنن البيهقي ٥ / ٦ وتلبيد الشعر أن يجعل فيه شيئا من صمغ عند الإحرام لئلا يشعث ويقمل إبقاء على الشعر وإنما يلبد من يطول مكثه في الإحرام ، نهاية اللغة.
(٢) المنتقى ، الحديث : ٢٣٩٣ ، نقله عن مسند أحمد ٣ / ٢٦٦.