استوت به ناقته على البيداء نظرت مدّ بصري بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك ورسول الله بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء عملنا به ، فأهلّ بالتوحيد ...
إلى قوله : لسنا ننوي إلّا الحجّ لسنا نعرف العمرة ، حتّى إذا أتينا البيت معه استلم الركن ...
وهكذا وصف جابر ما عمل به رسول الله إلى قوله : حتّى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال «لو أنّي استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحلّ وليجعلها عمرة».
قال جابر : فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال : يا رسول الله! ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبّك رسول الله (ص) أصابعه واحدة في الأخرى وقال : «دخلت العمرة في الحجّ» مرّتين. «لا ، بل لأبد أبد» (١).
وفي البخاري : قال سراقة : ألنا هذا خاصة قال : «لا بد للأبد» (٢).
كيف تلقى الصحابة حكم التمتع بالعمرة
ذكرنا في ما سبق كيف تدرّج النبي (ص) في تبليغهم تشريع التمتّع بالعمرة إلى الحجّ ، وفي ما يلي نذكر كيف تلقّته الصحابة يوم ذاك :
في صحيح مسلم عن ابن عبّاس قال : قدم النبيّ (ص) وأصحابه لأربع خلون من العشر ـ أي من العشرة الأولى من ذي الحجّة ـ وهم يلبّون بالحجّ فأمرهم أن يجعلوها عمرة.
وفي رواية اخرى بعده : أن يحوّلوا إحرامهم بعمرة إلّا من كان معه الهدي (٣).
__________________
(١) صحيح مسلم باب حجّة النبي ، الحديث ١٤٧ ص ٨٨٦ ـ ٨٨٨ ، وسنن أبي داود ، المناسك ج ٢ / ١٨٢ ، وسنن ابن ماجة ، المناسك ص ١٠٢٢ ، وسنن الدارمي المناسك باب في سنة الحاج ٢ / ٤٤ ، ومسند أحمد ٣ / ٣٢ ، وسنن البيهقي ٥ / ٧ باب ما يدل على أنّ النبي (ص) أحرم إحراما واحدا ، ومنحة المعبود الحديث ٩٩١ وفي المحلى : لأبد أبد قيل : بإضافة الأول للثاني أي لآخر الدهر ، ٧ / ١٠٠.
(٢) صحيح البخاري كتاب التمنى باب قول النبي لو استقبلت من أمري ما استدبرت ٤ / ١٦٦.
(٣) صحيح مسلم ، الحديث ٢٠١ ـ ٢٠٣ من باب جواز العمرة في أشهر الحج ص ٩١١ ، وفي سنن أبي داود ٢ / ١٥٦ ، الحديث ١٧٩١ عن ابن عباس : أن النبي قال : «اذا أهل الرجل بالحج ثم قدم مكة فطاف بالبيت وبالصفا والمروة فقد حلّ ، وهي عمرة» ...