وفي ثالثة : قدم النبي وأصحابه صبيحة رابعة مهلّين بالحجّ فأمرهم أن يجعلوها عمرة ، فتعاظم ذلك عندهم ، فقالوا : يا رسول الله! أيّ الحلّ؟! قال : «الحلّ كلّه» (١).
وفي رابعة : قال رسول الله (ص) : «هذه عمرة استمتعنا بها فمن لم يكن عنده الهدي فليحلّ الحلّ كلّه فإنّ العمرة قد دخلت في الحجّ إلى يوم القيامة» (٢).
وفي رواية أخرى بصحيحي البخاري ومسلم عن جابر : انّه حجّ مع رسول الله عام ساق معه الهدي وقد أهلّوا بالحجّ مفردا ، فقال رسول الله (ص) : «أحلّوا من إحرامكم فطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة وقصّروا وأقيموا حلالا حتّى إذا كان يوم التروية فأهلّوا بالحجّ واجعلوا الّتي قدمتم متعة» ـ أي عمرة التمتّع ـ قالوا : كيف نجعلها متعة وقد سمّينا الحجّ؟! قال «افعلوا ما آمركم به فإنّي لو لا أنّي سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم به ولكن لا يحلّ منّي حرام حتى يبلغ الهدي محلّه» (٣).
وفي رواية ثانية لجابر بصحيح البخاري وسنن أبي داود ومسند أحمد وغيرها واللفظ للأوّل ، قال : فقالوا : ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر؟ ... الحديث (٤).
وفي ثالثة بصحيحي البخاري ومسلم وسنن ابن ماجة وأبي داود ومسند أحمد واللفظ للأوّل : عن عطاء ، قال : سمعت جابر بن عبد الله في أناس معه ، قال : أهللنا أصحاب رسول الله (ص) في الحجّ خالصا ليس معه عمرة ، قال : فقدم النبيّ (ص) صبح رابعة مضت من ذي الحجّة فلمّا قدمنا أمرنا النبي أن نحلّ وقال : أحلّوا وأصيبوا من النساء ، قال : ولم يعزم عليهم ولكن أحلّهنّ لهم فبلغه أنّا نقول : لمّا لم يكن بيننا وبين عرفة إلّا خمس أمرنا أن نحلّ إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا! قال : فقام رسول الله (ص) فقال «قد علمتم أنّي أتقاكم لله وأصدقكم وأبرّكم ، ولو لا هديي لحللت كما
__________________
(١) صحيح مسلم ، الحديث ١٩٨ ص ٩٠٩ باب جواز العمرة ، وصحيح البخاري ١ / ١٩١ وهذه الروايات الثلاث في زاد المعاد لابن القيم ١ / ٢٤٦.
(٢) صحيح مسلم ص ٩١١ باب جواز العمرة في أشهر الحج ، الحديث ٢٠١ ـ ٢٠٣ ، وسنن أبي داود ٢ / ١٥٦ ، والبيهقي ٥ / ١٨ ، والحديث ٢٤٢٣ من المنتقى ، والمصنف لابن أبي شبية ٤ / ٢٠٢.
(٣) صحيح البخاري ١ / ١٩٠ باب التمتع والإقران والإفراد بالحج ... ، وصحيح مسلم ص ٨٨٤ ـ ٨٨٥ باب بيان وجوه الإحرام ... الحديث ١٤٣ ، وزاد المعاد ١ / ٢٤٨ فصل في إهلاله بالحجّ.
(٤) صحيح البخاري ١ / ٢١٣ ، و ٤ / ١٦٦ كتاب التمني باب لو استقبلت من أمري ما استدبرت ، وسنن أبي داود ٢ / ١٥٦ باب إفراد الحج ، الحديث ١٧٨٩ باختلاف يسير ، ومسند أحمد ٣ / ٣٠٥ ، وسنن البيهقي ٥ / ٣ باب من اختار الأفراد ... ، وج ٤ / ٣٣٨ منه ، وزاد المعاد ١ / ٢٤٦ فصل في إحلال من لم يكن ساق الهدي.