سطعت المجامر أي سطعت رائحة المسك من المجامر وفي الجملة كناية عن مباشرة الرجال للنساء بعد تهيئهنّ لذلك.
وفي رواية جابر بصحيح مسلم قال : أهللنا مع رسول الله بالحجّ فلمّا قدمنا مكّة أمرنا أن نحلّ ونجعلها عمرة فكبر ذلك علينا وضاقت به صدورنا فبلغ ذلك النبي فما ندري أشيء بلغه من السماء أم شيء من قبل الناس ، فقال : «أيّها الناس أحلّوا فلو لا الهدي الذي معي فعلت كما فعلتم» قال : فأحللنا حتى وطئنا النساء وفعلنا ما يفعل الحلال ، حتّى إذا كان يوم التروية وجعلنا مكّة بظهر أهللنا بالحجّ (١).
وفي رواية أخرى قال : قلنا : أيّ الحلّ؟ قال : «الحلّ كلّه» ، قال : فأتينا النساء ومسسنا الطيب ، فلمّا كان يوم التروية أهللنا بالحجّ (٢).
* * *
هكذا قبلوا أن يجمعوا بين الحجّ والعمرة في أشهر الحجّ ويتمتعوا بالحلّ بينهما بكلّ صعوبة لأنّه كان يخالف ما دأبوا عليه في العصر الجاهلي ، وبما أنّ أم المؤمنين عائشة حرمت من العمرة قبل الحجّ لمّا حاضت ، فقد دعا النبي أن تعتمر بعد الحجّ. كما صرّحت به الروايات الآتية :
عائشة فاتتها العمرة قبل الحج فأمرها النبيّ أن تعتمر بعده
في صحيح مسلم عن عائشة ، قالت : خرجنا مع النبيّ ولا نرى إلا الحجّ حتّى إذا كنّا بسرف أو قريبا منه حضت ، فدخل عليّ النبيّ وأنا أبكي فقال : «أنفست؟» (يعني الحيضة ، قالت) قلت : نعم. قال «انّ هذا شيء كتبه الله على بنات آدم فاقضي ما يقضي الحاجّ غير أن لا تطوفي بالبيت حتّى تغتسلي» (٣).
وفي رواية قبلها : فلمّا قضينا الحجّ أرسلني رسول الله مع عبد الرحمن بن أبي بكر
__________________
(١) صحيح مسلم ص ٨٨٢ الحديث ١٣٨ ، والمنتقى ، الحديث ٢٤٠٠ و ٢٤١٥ باب إدخال الحجّ على العمرة.
(٢) زاد المعاد ١ / ٢٤٦.
(٣) «سرف» بين مكّة والمدينة وعلى أميال من مكّة. والحديث ١١٩ بباب «بيان وجوه الإحرام» من صحيح مسلم ، ص ٨٧٣ ، وفي سنن أبي داود ٢ / ١٥٤ مع اختلاف يسير ، وكذلك في ابن ماجة ، الحديث ٢٩٦٣.