إلى التنعيم فاعتمرت فقال «هذه مكان عمرتك» (١).
وفي رواية أخرى بصحيح مسلم وسنن أبي داود ، أتم ممّا مضى : قالت : خرجنا مع رسول الله في حجّة الوداع فأهللنا بعمرة ، ثمّ قال رسول الله (ص) «من كان معه هدي فليهلّ بالحجّ مع العمرة ، ثمّ لا يحلّ حتّى يحلّ منهما جميعا» فقدمت مكّة وأنا حائض ، ولم أطف بالبيت ، ولا بين الصفا والمروة ، فشكوت ذلك إلى رسول الله (ص) فقال «انقضي رأسك وامتشطي وأهلّي بالحجّ ودعي العمرة» قالت : ففعلت ، فلمّا قضينا الحجّ أرسلنى رسول الله (ص) مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم ، فاعتمرت ، فقال : «هذه مكان عمرتك» قالت : فطاف الّذين أهلّوا بالعمرة بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، ثم حلّوا ، ثمّ طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجّهم ... الحديث (٢).
وفي رواية أخرى قالت : فأردفني خلفه على جمل له فجعلت أرفع خماري أحسره عن عنقي فيضرب رجلي بعلّة الراحلة. قلت : وهل ترى من أحد. قالت : فأهللت بعمرة. ثمّ أقبلنا حتّى انتهينا إلى رسول الله وهو بالحصبة (٣).
وفي صحيح البخاري عن عائشة أنّها قالت : يا رسول الله! اعتمرتم ولم أعتمر. فقال : يا عبد الرحمن اذهب بأختك فأعمرها من التنعيم. فأحقبها على ناقة فاعتمرت (٤).
وفي سنن أبي داود والبيهقي واللفظ للأوّل عن ابن عبّاس ، قال : ما أعمر رسول الله (ص) عائشة ليلة الحصبة إلّا قطعا لأمر أهل الشرك فإنّهم كانوا يقولون : إذا برأ الدّبر وعفا الأثر ودخل صفر فقد حلّت العمرة لمن اعتمر.
ولفظ البيهقي : قال : ما أعمر رسول الله (ص) عائشة في ذي الحجة إلّا ليقطع
__________________
(١) «التنعيم» موضع على ثلاثة أميال أو أربعة من مكّة. أقرب أطراف الحل إلى البيت. سمّي بالتنعيم لأن على يمينه جبل نعيم ، وعلى يساره جبل ناعم.
والحديث في باب «بيان وجوه الإحرام» من صحيح مسلم ص ٨٧٠ الحديث ١١١ ، وأورد أحاديث الباب ابن كثير في تاريخه ٥ / ١٣٨ ـ ١٣٩.
(٢) سنن أبي داود ج ٢ / ١٥٣ باب في إفراد الحج ، الحديث ١٧٨١ ، ومنحة المعبود الحديث ٩٩٠ صحيح مسلم ، باب بيان وجوه الإحرام ، الحديث ١١١ ص ٨٧٠.
(٣) الحديث ١٣٤ من باب «بيان وجوه الإحرام» بصحيح مسلم ، ص ٨٨٠ ، الخمار : ثوب تغطى به المرأة رأسها و «احسره» أي اكشفه وأزيله و «يضرب رجلي بعلة الراحلة» أي يضرب رجلها بعود بيده حين تكشف خمارها غيرة عليها و «الحصبة» المحصب وهو موضع رمي الجمار بمنى.
(٤) صحيح البخاري ٢ / ١٨٤.