ويعين الحديث الآتي الحادثة الّتي نهى عمر بعدها عن الجمع بين الحجّ والعمرة :
عن الأسود بن يزيد قال : بينما أنا واقف مع عمر بن الخطّاب بعرفة عشيّة عرفة فإذا هو برجل مرجّل شعره يفوح منه ريح الطيب. فقال له عمر : أمحرم أنت؟ قال : نعم. فقال عمر : ما هيئتك بهيئة محرم ، إنّما المحرم الأشعث الأغبر الأذفر ، قال : إنّي قدمت متمتعا وكان معي أهلي وإنّما أحرمت اليوم فقال عمر عند ذلك : لا تتمتعوا في هذه الأيّام ، فإنّي لو رخّصت في المتعة لهم لعرّسوا بهنّ في الأراك ، ثمّ راحوا بهن حجّاجا (١).
ترجيل الشعر تسريحه وتنظيفه وتحسينه ، والإذفر هنا : الرائحة الكريهة.
قال ابن القيم بعد ايراد الرواية : وهذا يبيّن أنّ هذا من عمر رأي رآه ، قال ابن حزم : وكان ما ذا وحبذا ذلك ، وقد طاف النبيّ (ص) على نسائه ثمّ أصبح محرما ، ولا خلاف في أنّ الوطء مباح قبل الإحرام بطرفة عين.
وتحدّث أبو موسى الأشعري عمّا جرى له مع الخليفة في شأن متعة الحجّ وقال كما رواه مسلم والبخاري في صحيحيهما وغيرهما واللفظ لمسلم :
كان رسول الله (ص) بعثني إلى اليمن فوافقته في العام الّذي حجّ فيه فقال لي رسول الله (ص) : «يا أبا موسى! كيف قلت حين أحرمت؟» قال : قلت : لبّيك إهلالا كإهلال النّبي (ص) فقال : «هل سقت هديا؟» فقلت : لا ، قال «فانطلق فطف بالبيت وبين الصفا والمروة ثمّ أحلّ ...».
وتمام الحديث في رواية قبلها : فطفت بالبيت وبالصفا وبالمروة ثمّ أتيت امرأة من قومي فمشطتني وغسلت رأسي.
وفي رواية : ثم أهللت بالحجّ.
وزاد عليه أحمد بمسنده ، يوم التروية ، قال : فكنت أفتي الناس بذلك في إمارة أبي بكر وإمارة عمر ، فإنّي لقائم بالموسم إذ جاءني رجل فقال : إنّك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في شأن النسك.
__________________
(١) زاد المعاد ١ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩ فصل : في ما جاء في المتعة من الخلاف.
والأسود بن يزيد بن قيس النخعى : أبو عمرو أو أبو عبد الرحمن ، مخضرم ، ثقة ، مكثر فقيه ، من الطبقة الثانية. أخرج حديثه جميع أصحاب الصحاح. مات سنة أربع أو خمس وسبعين. تقريب التهذيب ١ / ٧٧.