تشدّده أنّه ضرب وحلق من فعل ذلك. روى ابن حزم : أنّ عثمان سمع رجلا يهلّ بعمرة وحجّ ، فقال : عليّ بالمهلّ ، فضربه وحلقه (١). ضربه الخليفة تعذيبا له وحلقه تشهيرا به ومثلة. ومع كلّ ذلك التشديد فإنّ معارضة المسلمين بدئ على هذا العهد ، وكان الإمام عليّ هو البادئ بها ، فهو الّذي جاهر بخلافهم وأمر رفاقه بذلك ، ثمّ انتشرت المعارضة بعد هذا على عهد الخلفاء الآخرين ، أمّا ما جرى على عهد الإمام فهذا بيانه :
على عهد الإمام عليّ (ع)
رأينا الإمام عليّا على عهد عثمان يعارضه أشدّ المعارضة في إقامة سنّة الرسول هذه (٢) فأحرى به أن يقيمها على عهده حين لا معارض له في إقامتها ومع موافقة رغبة جماهير المسلمين إيّاه في ذلك ، ولهذا السبب لم يكن هناك مسوّغ لحدوث القالة حول عمرة التمتع يوم ذاك لتروي لنا وتدوّن في الكتب ، وإنّما حدثت القالة مرّة ثانية على عهد معاوية حين جاهد في إحياء سنّة عمر وبيانه كما يلي :
على عهد معاوية
كان معاوية على عهده جادّا كلّ الجد في إحياء سنن الخلفاء الثلاثة : أبي بكر وعمر وعثمان ، وخاصّة في ما كان فيها إرغام لأهل البيت ومخالفة لمدرستهم لا سيّما الإمام عليّ ، كانت هذه سياسته على العموم ، وفي ما يخصّ هذا الحكم ذكرت الروايات التالية ما قام به هو وبعض جلاوزته من جهد (٣).
في سنن النسائي عن ابن عبّاس ، قال : هذا معاوية ينهى الناس عن المتعة وقد
__________________
(١) المحلى لابن حزم ٧ / ١٠٧.
(٢) ومما رووا عن الإمام في ذلك ما رواه ابن كثير في تاريخه ٥ / ١٣٢ عن الحسن بن علي قال : خرجنا مع علي فأتينا ذا الحليفة ، فقال علي : إني أريد أن أجمع بين الحجّ والعمرة ، فمن أراد ذلك ، فليقل كما أقول ، ثم لبى ، قال : لبيك بحجة وعمرة.
(٣) من أمثلة ذلك سياستهم في منع نشر حديث الرسول فقد منعه أبو بكر وعمر وتابعهم على ذلك فقال على منبر الرسول «لا يحل لأحد يروي حديثا لم يسمع في عهد أبي بكر ولا عمر» منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ٤ / ٦٤ ، وقال معاوية «عليكم من الحديث بما كان في عهد عمر» رواه الذهبي بترجمة عمر من تذكرة الحفاظ ، ومنتخب الكنز ٤ / ٦١ ، وراجع فصل : (مع معاوية) من كتابنا : (أحاديث أم المؤمنين عائشة).