تمتّع النبي (ص) (١).
وفي سنن الدارمي عن محمّد بن عبد الله بن نوفل ، قال : سمعت عام حجّ معاوية يسأل سعد بن مالك : كيف تقول بالتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟ قال : حسنة جميلة. قال : قد كان عمر ينهى عنها ، فأنت خير من عمر؟! قال : عمر خير منّي ، وقد فعل ذلك النّبيّ وهو خير من عمر (٢).
ويبدو من بعض الروايات أنّ هذه المحاولة على عهد معاوية لم تقتصر عليه فحسب بل أعانه عليها بعض جلاوزته أيضا كما تدلّ عليه الرواية التالية :
في موطّأ مالك وسنن النسائي والترمذي والبيهقي وغيرها ، واللفظ للأوّل ، عن محمّد بن عبد الله بن الحارث : انّه سمع سعد بن أبي وقّاص والضّحاك بن قيس عام حجّ معاوية بن أبي سفيان ، وهما يذكران التمتّع بالعمرة إلى الحجّ ، فقال الضحّاك بن قيس : لا يفعل ذلك إلّا من جهل أمر الله عزوجل ، فقال سعد : بئس ما قلت يا ابن أخي! فقال الضحّاك : فإنّ عمر بن الخطّاب قد نهى عن ذلك ، فقال سعد : قد صنعها رسول الله (ص) وصنعناها معه (٣).
والضّحاك بن قيس قرشيّ فهريّ ، ولذا قال له سعد «يا ابن أخي». ولد الضحّاك قبل وفاة النبي بسبع سنين ، ولي على شرطة معاوية ، وله في الحروب معه بلاء عظيم ، وسيره على جيش على عهد الإمام عليّ فأغار على سواد العراق وقتل من لقي من الأعراب ، وأغار على الحاجّ وأخذ أمتعتهم وقتل منهم. ولي دفن معاوية وأخبر يزيد بموته وبايع ابن الزبير بعد يزيد وقاتل مروان بمرج راهط فقتل بها سنة اربع وستين (٤).
هذا هو الضحّاك بن قيس قائد جلاوزة معاوية ولا غرابة بعد ذلك في أن يحتطب. هذا بحبال معاوية ويعينه على ما يبتغيه.
ويبدو أنّ معاوية ـ بالإضافة إلى ما ذكرنا ـ استعان بوضع الحديث للمنع من حجّ
__________________
(١) سنن النسائي ، باب التمتع.
(٢) سنن الدارمي ٢ / ٣٥. ومحمد بن عبد الله بن نوفل هو محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب ، في تقريب التهذيب ٢ / ١٧٥ مقبول من الثالثة.
(٣) موطأ مالك ١ / ٣٤٤ باب ما جاء في التمتع الحديث ٦٠ ، وسنن النسائي ٢ / ١٥ باب التمتع ، والترمذي ٤ / ٣٨ باب ما جاء في التمتع ، والبيهقي ٥ / ١٧ ، وتفسير القرطبي ٢ / ٣٨٨ ، وقال : هذا حديث صحيح وزاد المعاد ٢ / ٢١٨ ، وبدائع المنن ح ٩٠٣ ، وابن كثير ٥ / ١٢٧ و ١٣٥.
(٤) ترجمة الضحاك بأسد الغابة وفصل : (مع معاوية) من كتاب (أحاديث أم المؤمنين عائشة) ١ / ٢٤٣.