أضللت الناس ، قال : وما ذاك يا عريّة؟ قال : الرجل يخرج محرما بحجّ أو عمرة ، فإذا طاف زعمت أنّه قد حلّ فقد كان أبو بكر وعمر ينهيان عن ذلك ، فقال : أهما ويحك آثر عندك أم ما في كتاب الله وما سنّ رسول الله (ص) في أصحابه وفي أمّته؟ فقال عروة : هما كانا أعلم بكتاب الله وما سنّ رسول الله منّي ومنك.
قال الراوي : فخصمه عروة (١).
عروة ينهى عن عمرة التمتّع
في صحيح مسلم ، عن محمّد بن عبد الرحمن أنّ رجلا من أهل العراق قال له : سل عروة بن الزبير عن رجل يهلّ بالحجّ فإذا طاف بالبيت أيحلّ أم لا؟ فإن قال لك : لا يحلّ ، فقل له : إنّ رجلا يقول ذلك. قال فسألته فقال : لا يحلّ من أهلّ بالحجّ إلّا بالحجّ. قلت : فإنّ رجلا كان يقول ذلك. قال : بئس ما قال. فتصدّاني الرجل فسألني فحدّثته فقال : فقل له : فإنّ رجلا كان يخبر أنّ رسول الله (ص) قد فعل ذلك وما شأن أسماء والزبير فعلا ذلك. قال : فجئته فذكرت له ذلك. فقال : من هذا؟ فقلت : لا أدري. قال : فما باله لا يأتينى بنفسه يسألني؟ أظنّه عراقيا. قلت : لا أدري. قال : فإنّه قد كذب. قد حجّ رسول الله فأخبرتني عائشة (رض) ، أنّ أوّل شيء بدأ به حين قدم مكّة أنّه توضّأ ثمّ طاف بالبيت. ثم حجّ أبو بكر فكان أوّل شيء بدأ به الطواف بالبيت ثمّ لم يكن غيره ـ أى عمرة وغيرها ـ ثمّ عمر مثل ذلك. ثمّ حجّ عثمان فرأيته أوّل شيء بدأ به الطواف بالبيت. ثم لم يكن غيره. ثمّ رأيت المهاجرين والأنصار يفعلون ذلك. ثمّ لم يكن غيره ، ثمّ آخر من رأيت فعل ذلك ابن عمر ثمّ لم ينقضها بعمرة وهذا ابن عمر عندهم أفلا يسألونه؟ ولا أحد ممّن مضى ما كانوا يبدءون بشيء حين يضعون أقدامهم أوّل من الطواف بالبيت. ثمّ لا يحلّون. وقد رأيت أمّي وخالتي حين تقدمان لا تبدءان بشيء أوّل من البيت تطوفان به ثمّ لا تحلّان! وقد أخبرتني أمّي أنّها أقبلت هي واختها والزبير وفلان وفلان بعمرة قطّ فلمّا مسحوا الركن حلّوا ، وقد كذب في ما ذكر ذلك (٢).
__________________
(١) مجمع الزوائد ٣ / ٢٣٤. ويبدو أن هذا غير ما رواه ابن القيم في زاد المعاد ، وان الخلاف هناك حول الاعتمار في العشرة الأولى من ذي الحجة ، والخلاف هنا حول الإحلال بعد الطواف والسعي أي أن الناسك يخرج من إحرامه.
(٢) صحيح مسلم ، ص ٩٠٦ ـ ٩٠٧ ، الحديث ١٩٠ من باب ما يلزم من طاف بالبيت وسعى من البقاء ـ