وما نسب عروة في حديثه إلى ابن عمر بقوله : «ثمّ لم ينقضها بعمرة وهذا ابن عمر عندهم أفلا يسألونه» فقد وجدنا موقف ابن عمر مختلفا في ما روي عنه.
موقف ابن عمر
في صحيح مسلم وسنن أبي داود والنسائي والترمذي والبيهقي وغيرها ، واللفظ للأوّل عن ابن عمر قال : تمتّع رسول الله (ص) في حجّة الوداع بالعمرة إلى الحجّ فكان من الناس من أهدى فساق الهدي ، ومنهم من لم يهد ، فلمّا قدم رسول الله (ص) مكّة قال للنّاس «من كان منكم أهدى فإنّه لا يحلّ من شيء حرم منه حتّى يقضي حجّه ، ومن لم يكن منكم أهدى ، فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ثمّ ليهلّ بالحجّ وليهد ...» الحديث (١).
واعترض عليه بقول أبيه ونهيه كما رواه الترمذي في سننه عن ابنه سالم : أنّه سمع رجلا من أهل الشام وهو يسأل عبد الله بن عمر عن التمتّع بالعمرة إلى الحجّ ، فقال عبد الله بن عمر : هي حلال. فقال الشامي : إنّ اباك قد نهي عنها ، فقال عبد الله بن عمر : أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله (ص) أأمر أبي أتّبع أم أمر رسول الله (ص)؟ فقال الرجل : بل أمر رسول الله (ص). فقال : لقد صنعها رسول الله (٢).
وفي رواية قال : اعتمر النبيّ قبل أن يحجّ (٣).
وقال ابن كثير : وكان ابنه عبد الله يخالفه فيقال له : إنّ أباك كان ينهى عنها! فيقول : خشيت أن يقع عليكم حجارة من السماء! قد فعلها رسول الله ، أفسنّة رسول الله نتّبع أم سنّة عمر بن الخطّاب (٤)؟
__________________
ـ ١ / ٢١٤. والحجون هو الجبل المشرف على مسجد الحرس بأعلى مكة على يمينك وأنت مصعد عند المحصب.
(١) صحيح مسلم ، باب وجوب الدم على المتمتع ، الحديث ١٧٤ ص ٩٠١ ، وشرح النووي ج ٨ / ٢٠٨ ، وسنن أبي داود ٢ / ١٦٠ باب في الإقران الحديث ١٨٠٥ ، وسنن النسائي ج ٢ / ١٥ باب التمتع ، وسنن الترمذي ٤ / ٣٩ باب ما جاء في التمتع وقال : هذا حديث صحيح ، وسنن البيهقي ٥ / ١٧ باب من اختار التمتع بالعمرة إلى الحج ... ، و ٥ / ٢٠ و ٢٣ منه ، وزاد المعاد ١ / ٢١٦ فصل في جمعه بين الحج والعمرة ، وص ٢٣٦ منه ، والمنتقى الحديثان ٢٣٨٧ و ٢٤١٦.
(٢) صحيح الترمذي ٤ / ٣٨ باب ما جاء في التمتع من كتاب الحج.
(٣) سنن البيهقي ٤ / ٣٥٤ باب العمرة قبل الحج عن البخاري.
(٤) تاريخ ابن كثير ٥ / ١٤١.