في ما سبق من البحوث يتضح لنا كيف نشأ الاختلاف بين الأحاديث المنسوبة إلى رسول الله (ص) وكيف انتشر الاختلاف بين المسلمين عبر العصور ، وفي ما يأتي بيان ذلك.
منشأ الخلاف والاختلاف وكيف يمكن رفعهما
لما كان المسلمون الأوائل قد سمعوا من فم رسول الله (ص) أحاديث أمرهم فيها بعمرة التمتع ـ الجمع بين الحج والعمرة ـ فقد تداولوا تلك الأحاديث ورووها كما سمعوها ، ولما كان رسول الله (ص) قد علّم أولئك المسلمين كيفية أداء سنته في عمرة التمتع فقد نقلوا سنتها كذلك ، ومن ثمّ تداول المسلمون الأوائل ومن جاء بعدهم أحاديث الرسول وسنته في عمرة التمتع ، وكان ذلك متداولا بين المسلمين إلى عصر الصحابي الخليفة عمر بن الخطاب ومنعه المسلمين عن أداء سنّته في عمرة التمتع ، وتبعه على ذلك الخليفة الصحابي عثمان بن عفان ، وحاكم مكّة الصحابي عبد الله بن الزبير ، والصحابي الخليفة معاوية بن أبي سفيان. بعد ذلك قام بعض أتباع مدرسة الخلفاء بوضع أحاديث رووها عن رسول الله (ص) بأنّه نهى عن عمرة التمتع أي : الجمع بين الحجّ والعمرة ، ووضعوا تلك الأحاديث تأييدا لسياسة بعض الخلفاء الراشدين واحتسابا للخير ، وتداول المسلمون كذلك هذه الأحاديث وانتشرت بينهم إلى جنب روايتهم المجموعة الأولى من الأحاديث ، ولما أمر الخليفة عمر بن عبد العزيز بتدوين حديث الرسول (ص) دونت تلك المجموعتان من الحديث المروي عن رسول الله (ص) والمنسوب إليه في كتب صحاح الحديث بمدرسة الخلفاء وسننهم ومسانيدهم ، ومن هنا نشأ الاختلاف بين الأحاديث ، وانتشر الخلاف بين المسلمين ، ولا يمكن رفع الاختلاف بين الأحاديث المروية عن رسول الله (ص) والمنسوبة إليه دون طرح كلّ حديث يخالف سنّة الرسول (ص) وإن دخلت في كتب صحاح الحديث ، ولا يمكن كذلك رفع الخلاف من بين المسلمين وتوحيد كلمتهم دون رجوع المسلمين إلى سنّة الرسول وترك ما يخالفها وإن كانت من سنن الخلفاء الراشدين.
حديث اتّباع سنة الخلفاء الراشدين
ومما ذكرنا يحصل لنا العلم واليقين بأن الحديث المشهور أن رسول الله (ص) قال :