مصدرا للتشريع الإسلامي في عداد كتاب الله وسنة رسوله ، وحاشا رسول الله من ذلك.
ج ـ لو كان رسول الله (ص) قد أمر باتّباع سنة الخلفاء الأربعة الراشدين إذا كان قد أمر بالمتناقضين ، لأن فيهم الإمام عليّا ، وقد خالف سنة الخليفتين عمر وعثمان في عمرة التمتع ، وأتى بها وحث عليها ، وعلى هذا كان رسول الله (ص) قد أمر بالعمل بشيء ونهى عن العمل به ، وحاشا رسول الله (ص) من ذلك.
وبسبب كل ما ذكرنا نرى أن هذا الحديث يأتي في مقدمة الأحاديث التي وضعت تأييدا لسياسة الخلفاء الراشدين.
* * *
وبما أن الخلفاء الأوائل إلى زمان معاوية وعبد الله بن الزبير كانوا من أصحاب رسول الله (ص) وهم الذين اختلفوا في اجتهاداتهم وسننهم أشدّ الاختلاف ، فإنه لا يصحّ ما قاله أتباع مدرسة الخلفاء في حقّ الصحابة أنه لا يتطرق الشكّ إلى أحدهم ويصحّ أخذ أحكام الإسلام من جميعهم ، كما مرّ بحثه في بحث عدالة الصحابة من الجزء الأول من هذا الكتاب.
ومن دراسة قصة عمرة التمتع بين عثمان والإمام عليّ اتّضح لنا أن أئمة أهل البيت كانوا يأمرون باتّباع سنة الرسول (ص) ويجاهدون في سبيل ذلك ويأمرون أتباع مدرستهم بذلك ، ومما جرى بين ابن عباس وابن الزبير في هذا الشأن وجدنا مثلا من النزاع والمخاصمة بين مدرسة أهل البيت ومدرسة الخلفاء وأن نزاعهم كان بسبب التزام مدرسة أهل البيت اتباع سنّة الرسول (ص) في مقابل عمل مدرسة الخلفاء باجتهادهم في مقابل سنّة الرسول (ص).
* * *
مما سبق من البحوث أدركنا كيف تكونت مدرستان في الإسلام مدرسة محافظة تعضّ على سنّة الرسول بالنواجذ وترى أنّه ليس لأحد أن يجتهد في مقابل سنّة الرسول (ص) وتجاهد في سبيل ذلك وهي مدرسة أهل البيت ، ومدرسة أخرى مجتهدة ترى أن للخلفاء وذوي السلطة من الصحابة أن يجتهدوا في مقابل سنّة الرسول (ص) وتعض على سننهم بالنواجذ وهي مدرسة الخلفاء.
وبما أن كل تلك المعارك قد جرت بين المدرستين حول سنّة الرسول (ص) فلا بدّ لنا في سبيل تمحيص سنّة الرسول (ص) ومعرفة سبل الوصول إلى الصحيح من سنّة