وعلى عهد معاوية ، قال سعد لمعاوية : إنّ عمرة التّمتّع حسنة جميلة. فقال معاوية : إنّ عمر كان ينهى عنها.
وقال قائد جلاوزة معاوية : لا يفعل ذلك إلّا من جهل أمر الله ، واستشهد بنهي عمر عنها.
ووضع معاوية رواية عن لسان النبيّ (ص) أنّه نهى أن يقرن بين الحجّ والعمرة واستنشد الصحابة فأنكروا عليه فأصرّ عليها.
ويبدو أنّ الإرهاب كان شديدا على عهد معاوية فإنّ الصحابي عمران بن حصين كتم أنفاسه حتّى إذا كان في مرض موته أسرّ إلى من ائتمنه بعد أن أخذ عليه العهد أن يكتم عليه إن عاش ، وأخبره بأنّ الرسول جمع بين الحجّ والعمرة ثم لم ينه عنها ولم ينزل كتاب ينسخها حتّى إذا توفي (ص) قال فيها رجل برأيه ما شاء أن يقول.
* * *
يوضح مجموع ما أوردناه عن هذا العهد أنّه امتاز على ما سبقه من العهود بأمرين :
أوّلهما بأنّهم اتّخذوا سنّة عمر دينا يدينون به وأنّهم أعلنوا ذلك فإنّ جلواز معاوية الضحّاك يقول «لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر الله» واستشهد هو ومعاوية بنهي عمر عنها في مقابل استشهاد سعد بفعل رسول الله إيّاها.
ثانيهما : بوضع الحديث عن لسان رسول الله في ما يؤيّد سنّة عمر. وبعد عهد معاوية استمرّ أتباع مدرسة الخلفاء على الأمرين مثل ما فعله ابنا الزبير بمكّة فإنّهما نهيا عن عمرة التّمتّع واستشهدا بنهي أبي بكر وعمر عنها في مقابل ابن عبّاس من أتباع مدرسة الأئمّة الذي كان يأمر بها ، ولمّا قالوا له : حتّى متى تضلّل الناس وتأمر بالعمرة في أشهر الحجّ وقد نهى عنها أبو بكر وعمر؟ قال ابن عبّاس : أراهم سيهلكون ، أقول : قال النبيّ ، ويقولون : نهى أبو بكر وعمر ، وتجري بين الطرفين خصومة شديدة وسباب ، ويضع عروة حديثا يكذب فيه على رسول الله ومن صحبه ويقول : إنّهم أفردوا الحجّ أبدا في حجة الوداع وغيرها ، ويستشهد بأمّه وخالته ، غير أنهما تقولان : اعتمرنا في حجّة الوداع ، ويضع أتباع مدرسة الخلفاء بعد هذا العه د ـ أيضا ـ أحاديث على رسول الله وعلى عليّ بن أبي طالب أنّهما أفردا الحجّ وأمرا بإفراده وعلى أبي ذر انّه قال : إنّ عمرة التّمتّع كانت لنا أصحاب رسول الله خاصّة ، إلى غير ذلك من الحديث الموضوع بإتقان عجيب