من الآخر فغزا المجتهد منهما فاستشهد» (١).
وعن أبي سعيد : «كان رسول الله (ص) إذا حلف واجتهد في اليمين ، قال» (٢).
وفي خبر عبد الله بن أبي في غزوة بني المصطلق : «فاجتهد بيمينه ما فعل» (٣).
وفي سؤال الصحابية أمّ حارثة عن شأن ابنها حارثة من رسول الله (ص) : إن كان في الجنّة ، صبرت وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء (٤).
نعرف من هذه الموارد والكثرة الكاثرة من نظائرها ، أنّه كان المتبادر من الاجتهاد في القرن الأوّل ، هو بذل الجهد ، ثمّ تطور مدلول الاجتهاد لدى المسلمين ، وأصبح يدلّ في اصطلاحهم على استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية.
ثانيا ـ الاجتهاد في اصطلاح المسلمين
قال الغزالي في تعريف الاجتهاد : «هو عبارة عن بذل المجهود واستفراغ الوسع في فعل من الأفعال. ولا يستعمل إلّا في ما فيه كلفة وجهد ... لكن صار اللفظ في عرف العلماء مخصوصا ببذل المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام الشريعة ...» (٥).
وقال الدهلوي : «حقيقة الاجتهاد استفراغ الجهد في إدراك الأحكام الشرعية من أدلّتها التفصيلية الراجعة كلياتها إلى أربعة أقسام : الكتاب والسنّة والإجماع والقياس» (٦).
وكذلك عرّف محمّد أمين أدلّة الأحكام في كتاب تيسير التحرير (٧).
__________________
(١) سنن ابن ماجة ، كتاب الرؤيا ، ح ٣٩٢٥ ، ومسند احمد ، ١ / ١٦٣ و ٢ / ٣٢٣ و ٣٦٣ و ٦ / ٨٢ و ١٢٣ و ٢٥٦ و ٥ / ٤٠.
(٢) مسند احمد ، ٣ / ٣٣ و ١٤٨.
(٣) صحيح البخاري ، ٣ / ١٣٦ كتاب التفسير ، تفسير سورة (المنافقون). وصحيح مسلم ، كتاب المنافقين ، ح ١. ومسند أحمد ٤ / ٣٧٣
(٤) صحيح البخاري ، ٢ / ٩٣ كتاب الجهاد ، ومسند احمد ٣ / ٢٦٠ و ٢٨٣.
(٥) أبو حامد محمد الغزالي (ت : ٥٠٥ ه) في كتاب المستصفى في أصول الفقه ، ط مصطفى البابي بمصر سنة ١٣٥٦ ه (ج ٢ / ١٠١) ، راجع ترجمته بكشف الظنون ٢ / ١٦٧٣ ، وراجع الأحكام للآمدي ٤ / ١٤١.
(٦) نقل ذلك محمد فريد وجدي في مادة جهد من دائرة معارف القرن العشرين ٣ / ٢٣٦ عن رسالة الإنصاف في بيان سبب الاختلاف لأحمد بن عبد الرحيم الدهلوي الفاروقي الحنفي المحدث الفقيه (ت ١١٧٦ أو ١١٧٩ ه) ترجمه الزركلي في الأعلام ١ / ١٤٤.
(٧) أصل الكتاب اسمه التحرير في أصول الفقه للعلامة كمال الدين محمد بن عبد الواحد الشهير بابن همام الحنفي (ت : ٨٦١ ه) وشرحه تلميذه الفاضل محمد بن محمد بن أمير الحاج الحلبي الحنفي (ت : ٨٧٩ ه)