كان هذا لدى أتباع مدرسة الخلفاء ، وقد شاع هذا الاصطلاح لدى علماء مدرسة أهل البيت بعد القرن الخامس كما ورد في كتاب مبادي الوصول للعلامة الحلّي (ت : ٧٢٦ ه) في الفصل الثاني عشر ، البحث الاول في الاجتهاد ما ملخصه :
«الاجتهاد : هو استفراغ الوسع في النظر فيما هو من المسائل الظنّية الشرعية ، على وجه لا زيادة فيه.
ولا يصحّ في حقّ النبيّ (ص) لقوله تعالى (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) النجم ٥٣ / ٤. ولأنّ الاجتهاد إنّما يفيد الظنّ ، وهو (عليهالسلام) قادر على تلقيه من الوحي. ولأنّه كان يتوقف في كثير من الأحكام حتّى يرد الوحي ولو ساغ له الاجتهاد لصار إليه.
ولأنّه لو جاز له ، لجاز لجبرئيل عليهالسلام.
وذلك يسدّ باب الجزم ، بأنّ الشرع الّذي جاء به محمد (عليهالسلام) من الله تعالى.
ولأنّ الاجتهاد قد يخطئ وقد يصيب ، فلا يجوز تعبده (عليهالسلام) به لأنّه يرفع الثقة بقوله.
وكذلك لا يجوز لأحد من الأئمة (عليهمالسلام) الاجتهاد عندنا ، لأنّهم معصومون ، وإنّما أخذوا الأحكام بتعليم الرسول (عليهالسلام) وأما العلماء فيجوز لهم الاجتهاد ، باستنباط الأحكام من العمومات ، في القرآن والسنّة ، وبترجيح الأدلة المتعارضة.
أمّا بأخذ الحكم من القياس والاستحسان فلا» (١).
* * *
ونرى أنّ علماء مدرسة أهل البيت حين استعملوا مصطلح الاجتهاد والمجتهد لم يتركوا اصطلاح الفقه والفقيه بل جمعوا بين الاصطلاحين كما فعل ذلك جمال الدين صاحب المعالم فإنّه قال في أوّل كتابه كما مرّ علينا :
__________________
ـ وشرح الشرح ، المحقق محمد أمين ، المعروف بأمير بادشاه البخاري ، نزيل مكة وسماه تيسير التحرير. ورجعنا إليه ط. مصطفى البابي بمصر ، سنة ١٣٥١ ه (ج ١ / ١٧١) راجع تراجمهم بكشف الظنون (١ / ٣٥٨).
(١) مبادئ الوصول إلى علم الأصول ، ص : ٢٤٠ ـ ٢٤١.