وفي المصنّف لابن أبي شيبة عن العلاء بن المسيب عن أبيه قال : قال عمر : لو أتيت برجل تمتّع بامرأة لرجمته إن كان احصن فإن لم يكن احصن ضربته (١).
* * *
في الروايات السابقة وجدنا الصحابة يقولون : إنّ آية (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ) وردت في نكاح المتعة ، وأنّ رسول الله أمر به ، وأنّهم كانوا يستمتعون بالمرأة بالقبضة من التمر والدقيق على عهد رسول الله وأبي بكر ونصف من خلافة عمر حتّى نهى عنها في شأن عمرو بن حريث ، ووجدنا نكاح المتعة متفشيا على عهد عمر قبل أن ينهى عنه ، ولعلّه تدرّج في تحريمه بدءا بالتشديد في أمر شهود نكاح المتعة وطلب أن يشهده عدول المؤمنين كما يظهر ذلك من بعض الروايات السابقة ، ثمّ نهيه عنه بتاتا حتى قال لو تقدّمت في نهى لرجمت ، وبعد هذا أصبح نكاح المتعة محرّما في المجتمع الإسلامى ، وبقي الخليفة مصرّا على رأيه إلى آخر عهده لم يؤثر فيه نصح الناصحين. فقد روى الطبري في سيرة عمر عن عمران بن سوادة أنّه استأذن ودخل دار الخليفة ثمّ قال : نصيحة :
فقال : مرحبا بالناصح غدوّا وعشيّا.
قال : عابت أمتك منك أربعا.
قال : فوضع رأس درّته في ذقنه ووضع أسفلها على فخذه ، ثم قال : هات :
قال : ذكروا أنّك حرّمت العمرة في أشهر الحجّ ولم يفعل ذلك رسول الله ولا أبو بكر (رض) وهي حلال.
قال : هي حلال ، لو أنّهم اعتمروا في أشهر الحجّ رأوها مجزية من حجّهم فكانت قائبة قوب عامها فقرع حجّهم وهو بهاء من بهاء الله وقد أصبت.
قال : ذكروا انّك حرّمت متعة النساء وقد كانت رخصة من الله نستمتع بقبضة ونفارق عن ثلاث.
قال : إن رسول الله (ص) أحلّها في زمان ضرورة ثمّ رجع الناس إلى سعة ثمّ لم أعلم أحدا من المسلمين عمل بها ولا عاد إليها ، فالآن من شاء نكح بقبضة وفارق عن ثلاث بطلاق وقد أصبت ... (٢)
* * *
__________________
(١) المصنف لابن أبي شيبه ٤ / ٢٩٣.
(٢) الطبري ج ٥ / ٣٢ في باب شيء من سيره مما لم يمض ذكرها من حوادث سنة ٢٣ والقائبة : البيضة ـ