عن العرباض بن سارية السلمي (١) قال : نزلنا خيبر ومعه من معه من أصحابه ، وكان صاحب خيبر رجلا ماردا منكرا ، فأقبل إلى النبي (ص) فقال : يا محمّد! ألكم أن تذبحوا حمرنا وتأكلوا ثمرنا وتضربوا نساءنا؟ فغضب ـ يعنى النبيّ ـ وقال «يا ابن عوف! اركب فرسك ، ثم ناد : الا إنّ الجنّة لا تحلّ إلا لمؤمن ، وأن اجتمعوا للصلاة» قال : فاجتمعوا ، ثمّ صلّى بهم النبيّ (ص) ثمّ قام ، فقال : «أيحسب أحدكم متّكئا على أريكته قد يظنّ الله لم يحرّم شيئا إلّا ما في هذا القرآن ، ألا وإنّي وعظت وأمرت ونهيت عن أشياء إنّها لمثل القرآن أو أكثر ، وإنّ الله لم يحلّ لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا باذنهم ولا ضرب نسائهم ، ولا أكل اثمارهم اذا اعطوكم الذي عليهم (٢).
على ما روى ابن أبي أوفى تحدّث أصحاب رسول الله عن سبب نهي رسول الله عن أكل لحوم الحمر الأهلية يوم ذاك فقال بعضهم ممّن حضر الواقعة : إنّ النهي كان بسبب أنّهم لم يدفعوا خمسها ويؤيد ذلك ما ورد في الغلول من أحاديث أو أنها كانت نهبى كما ذكر ذلك في الحديث الآتي :
في سنن أبي داود عن رجل من الأنصار ، قال : خرجنا مع رسول الله (ص) في سفر فأصاب الناس حاجة شديدة وجهد ، وأصابوا غنما فانتهبوها فإنّ قدورنا لتغلي إذ جاء رسول الله (ص) يمشي على قوسه فأكفأ قدورنا بقوسه ، ثمّ جعل يرمّل اللحم بالتراب ، ثمّ قال «انّ النهبة ليست بأحلّ من الميتة» (٣).
وقال آخرون : إن النهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية كان بسبب أنّها كانت تأكل العذرة. وعلى أي فإنّ النهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية كان خاصّا بالحمر الأهلية الّتي كانت معهم في تلك الغزوة.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى تحريم نكاح المتعة في خيبر فانّ عرباض بن سارية حدّث أنّ اليهودي المارد المنكر شكا إلى رسول الله وقال : ألكم أن تذبحوا حمرنا وتأكلوا ثمرنا وتضربوا نساءنا؟ فجمعهم رسول الله وقال لهم : «إنّه لم يحلّ لكم أن تدخلوا
__________________
(١) أبو نجيح عرباض بن سارية السلمي روى عن طريقه عن رسول الله (ص) ٣١ حديثا أخرجها أصحاب الصحاح غير البخاري ومسلم (ت : ٧٥ ه) او في فتنة ابن الزبير ، أسد الغابة ٣ / ٣٩٩ ، وجوامع السيرة ص ٢٨١ ، وتقريب التهذيب ٢ / ١٧.
(٢) سنن أبي داود ٢ / ٦٤.
(٣) سنن أبي داود ٣ / ٦٦ باب في النهى عن النهبى.