بيوت أهل الكتاب إلّا بإذنهم ، ولا ضرب نسائهم ، ولا أكل ثمارهم إذا أعطوكم الذي عليهم ..»
وعلى هذا فإنّ نهي رسول الله (ص) عن ضرب نساء أهل الكتاب الّذين دفعوا الجزية خاصّة ، ولم يكن نهيا عن مطلق نكاح المتعة.
يبدو أنّ الأمر كان هكذا في غزوة خيبر ، غير أن أحدهم ابتكر رواية رواها عن حفيدي الإمام عليّ ابني محمّد عن أبيهم محمّد عن أبيه الإمام علي أنّه قال لابن عبّاس حين رخّص في المتعة : «إنك امرؤ تائه» ، وأخبره بأنّ الرسول نهى يوم خيبر عن متعة النساء وعن لحوم الحمر الأهلية ؛ ونسي هذا المبتكر أنّ الإمام عليّا هو الذي كان يقول : لو لا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلّا شقي (١).
والبديع في الأمر أنّهم رووا هنا عن ابني محمّد عن محمّد عن الإمام عليّ رواية تحريم متعة النساء ، وأنّهم ركّبوا نفس السند على روايتهم أمر الإمام بإفراد الحجّ عن العمرة ، ولعلّ مبتكر الروايتين واحد.
٢ ـ وكذلك الأمر بالنسبة إلى ما رووا عن أبي ذر فإنّهم رووا عنه أنّه قال : كانت المتعة في الحجّ لأصحاب محمّد خاصّة ، وقال : كانت لنا رخصة. ورووا عنه في متعة النساء أنّه قال : إنّما حلّت لنا أصحاب رسول الله (ص) متعة النساء ثلاثة أيّام ثمّ نهى عنها رسول الله (ص).
وأنّه قال : إن كانت المتعة لخوفنا ولحربنا.
ومن الغريب في روايتي أبي ذرّ هنا وهناك أنّ في طريق كلتيهما إبراهيم التيمي وعبد الرحمن بن الأسود ، وشأن روايتي أبي ذرّ في السند شأن روايتي الإمام.
٣ و ٤ ـ أمّا رواية سبرة الجهني فالصحيح فيها ما أوردناه في أوّل الباب عن مسلم وأحمد والبيهقي : أنّ رسول الله أذن لهم بالمتعة وأنّه تمتع من امرأة من بني عامر بردائه وكان معها ثلاثا ثمّ أنّ رسول الله قال : «من كان عنده شيء من هذه النساء الّتي يتمتع بها فليخلّ سبيلها». أي أنّ الرسول أمرهم بفراق النسوة اللاتي تمتعوا بهنّ استعدادا للرحيل من مكّة. ثمّ جاء «المعذّرون» للخليفة عمر فحرّفوا لفظ هذه الرواية من «ليخلّ سبيلها» إلى «أنّها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة» وما شابهها من ألفاظ تدلّ على تأبيد الحرمة ، منذ يوم فتح مكّة ، ولمّا كانت هذه الرواية تناقض روايات أخرى
__________________
(١) سبق ذكر مصادره.