للخير كما في تقريب النواوي (١) :
والواضعون أقسام أعظمهم ضررا قوم ينسبون إلى الزهد وضعوه حسبة في زعمهم ، فقبلت موضوعاتهم ثقة بهم.
وفي شرحه : ومن أمثلة ما وضع حسبة ما رواه الحاكم بسنده إلى أبي عمّار المروزي أنّه قيل لأبي عصمة نوح بن أبي مريم : من أين لك عن عكرمة عن ابن عبّاس في فضائل القرآن سورة سورة ، وليس عند أصحاب عكرمة هذا؟ فقال : إني رأيت النّاس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة!
قال الزركشي بعد إيراد هذا الخبر : ثمّ قد جرت عادة المفسّرين ممّن ذكر الفضائل أن يذكرها في أوّل كلّ سورة لما فيها من الترغيب والحثّ على حفظها إلّا الزمخشري فإنّه يذكرها في أواخرها (٢).
ونوح بن أبي مريم هو أبو عصمة القرشي ـ مولاهم ـ المروزى كان قاضي مرو ، يعرف بنوح الجامع لأنّه اخذ الفقه عن أبي حنيفة وابن أبي ليلى والحديث عن حجّاج بن أرطاة وطبقته ، والمغازي عن ابن إسحاق ، والتفسير عن الكلبي ومقاتل ، وكان عالما بأمور الدنيا ، فسمّي الجامع ، وكان شديدا على الجهميّة والردّ عليهم. قال الحاكم : أبو عصمة مقدّم في علومه. لقد كان جامعا رزق كلّ شيء إلّا الصدق ... ، وأخرج حديثه الترمذي في سننه وابن ماجة في التفسير (٣).
وفي تدريب الراوي وميزان الاعتدال ، ولسانه ، واللفظ للأوّل ، عن ابن مهدي قال : قلت لميسرة بن عبد ربّه : من أين جئت بهذه الأحاديث : من قرأ كذا فله كذا؟ قال : وضعتها أرغّب الناس.
وفي تدريب الراوي : وكان غلاما جليلا يتزهّد ويهجر شهوات الدنيا وغلقت أسواق بغداد لموته ومع ذلك كان يضع الحديث.
وفيه أيضا : تنبيهات :
__________________
(١) تقريب التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير ، للحافظ محي الدين النواوي ٦٣١ ـ ٦١٦ ه ، وشرحه السيوطي (ت ٩١١ ه) وسماه تدريب الراوي في شرح النواوي ط. الثانية سنة ١٣٩٢ منشورات المكتبة العلمية بالمدينة ١ / ٢٨١ ـ ٢٨٣.
(٢) تدريب الراوي ١ / ٢٨٢ ، والبرهان في علوم القرآن للزركشي ص ٤٣٢.
(٣) تهذيب التهذيب ١٠ / ٤٨٠ ـ ٤٨٦.