شرع الله» وإنّ «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن».
وقال : ولعلّ من أبرز المسائل الاجتهاديّة ، والوقائع الّتي حدثت في عهد الصحابة بعد وفاة النبيّ ، هي قضية قسمة الأراضي الّتي فتحها المقاتلون عنوة في العراق وفي الشام وفي مصر.
فلقد جاء النصّ القرآني يقول بصراحة لا غموض فيها إنّ خمس الغنائم يرجع لبيت المال ويصرف في الجهات التي عينتها الآية الكريمة ، (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ...)
أمّا الاخماس الأربعة الباقية فتقسم بين الغانمين عملا بمفهوم الآية المذكورة وبفعله عليه الصلاة والسلام حين قسّم خيبر بين الغزاة.
وعملا بالقرآن والسنة جاء الغانمون إلى عمر بن الخطّاب وطلبوا إليه أن يخرج الخمس لله ولمن ذكر في الآية ، وأن يقسم الباقي بين الغانمين.
فقال عمر : فكيف بمن يأتي من المسلمين فيجدون الأرض بعلوجها قد اقتسمت ، وورثت عن الآباء وحيزت؟ ما هذا برأي.
فقال له عبد الرحمن بن عوف : فما الرأي؟ ما الأرض والعلوج إلّا ممّا أفاء الله عليهم.
فقال عمر : ما هو إلّا ما تقول ، ولست أرى ذلك ...
فأكثروا على عمر ، وقالوا تقف ما أفاء الله علينا بأسيافنا على قوم لم يحضروا ولم يشهدوا ، ...
فكان عمر لا يزيد على أن يقول هذا رأيي.
فقالوا جميعا الرأي رأيك (١).
وقال ابن حزم : الرأي ما تخيّلته النفس صوابا دون برهان.
وقال : القياس : أن يحكم بشيء بحكم لم يأت به نصّ لشبهه بشيء آخر ورد فيه ذلك الحكم (٢).
وعرّف الاستحسان في المدخل بقوله : الاستحسان : الأخذ في مسألة بحكم
__________________
(١) المدخل الى علم أصول الفقه ص ٩١ ـ ٩٥ باب أنواع الاجتهاد.
(٢) الأحكام بأصول الأحكام لابن حزم ط. مطبعة العاصمة بالقاهرة ونشر زكريا على يوسف راجع ١ / ٤٠ ـ ٤١ منه.