يخالف الحكم المعروف في القياس أمّا لرجحان علّة في دليل الاستحسان وإمّا لضرورة توجب مصلحة وتدفع حرجا (١).
وروى عن الحنفية قولها عن الاستحسان أنّه : العدول بالمسألة عن حكم نظائرها إلى حكم آخر لوجه أقوى يقتضي هذا العدول.
وعن المالكية انّهم قالوا عن الاستحسان انّه : ان لا يتقيّد الفقيه المجتهد عند بحث الجزئيات بتطبيق ما يؤدّي إليه اضطرار القياس من جلب مضرّة أو مشقّة ، أو منع مصلحة(٢).
وقال في تعريف الاستصلاح : الاستصلاح في حقيقته نوع من الحكم بالرأي المبني على المصلحة (٣).
وقال في الفرق بين الأصول الثلاثة : إنّ مسائل القياس والاستحسان تتطلّب دوما المقارنة بمسائل أخرى.
ففي القياس توجب الحاق مسائل القياس بحكم المسائل الأخرى المقيس عليها وتوحيد الحكم فيها بسبب الاتحاد في العلّة.
وفي الاستحسان توجب العدول بمسائل الاستحسان عن حكم المسائل الأخرى في النظائر والأشباه والمغايرة في الحكم فيها بسبب عدم الاتحاد في بعض الوجوه ممّا هو أقوى من بعض مظاهر الاتحاد.
أمّا مسائل الاستصلاح فهي لا تستلزم المقارنة بمسائل أخرى على نحو ما مرّ في القياس والاستحسان للحكم فيها بل يعتمد في الحكم في مسائل الاستصلاح على المصلحة فقط (٤).
وقال في باب النصوص وتغيير الأحكام بتغير الزمان في الشرع الإسلامي : أمّا التغيير لحكم لم ينسخ نصّه من قبل الشارع فقد أجازته للمجتهدين من قضاة ومفتين ، تبعا لتغيّر المصالح في الأزمان أيضا ؛ وامتازت بذلك على غيرها من الشرائع ، وأعطت فيه درسا بليغا عن مقدار ما تعطيه من حريّة للعقول في الاجتهاد ، ومن مرونة لتحكيم
__________________
(١) المدخل ص ٢٩٣.
(٢) المدخل ص ٢٩٦.
(٣) المدخل ص ٣٠١ في الباب الثامن.
(٤) المدخل ص ٣٠٤ ـ ٣٠٥ الباب الثامن.