المصالح في الأحكام. وهكذا أصبح العمل بهذا المبدأ الجليل قاعدة مقرّرة في التشريع الإسلامي ، تعلن بأنّه «لا ينكر تغيّر الأحكام بتغيّر الزمان» (١).
واستشهد بقول ابن القيم في أعلام الموقعين : هذا فصل عظيم النفع جدّا ... (٢).
وقد أورد ابن القيم في هذا الباب عدّة أمثلة منها قوله : المثال السابع : إنّ المطلّق في زمن النبي (ص) وأبي بكر وصدرا من خلافة عمر كان إذا جمع الطلقات الثلاث بفم واحد جعلت واحدة كما ثبت في الصحيح ...
ثم أورد الأحاديث الصحاح في ذلك ومنها خبر تطليق ركانة بن عبد يزيد زوجته حيث طلّقها ثلاثا في مجلس واحد فحزن عليها ، فسأله رسول الله (ص) : كيف طلّقتها؟ قال : طلّقتها ثلاثا. قال : في مجلس واحد؟ قال : نعم. قال : فإنّما تلك واحدة فأرجعها إن شئت ، فراجعها.
وقال : والمقصود أنّ عمر بن الخطاب (رض) لم يخف عليه أنّ هذا هو السنّة وأنّه توسعة من الله لعباده ، إذ جعل الطلاق مرّة بعد مرّة وما كان مرّة بعد مرّة لم يملك المكلّف إيقاع مرّاته كلّها جملة واحدة كاللعان فإنّه لو قال : «أشهد الله بالله أربع شهادات أنّه لمن الصادقين» كان مرّة واحدة ولو حلف في القسامة وقال : أقسم بالله خمسين يمينا أنّ هذا قاتله» كان ذلك يمينا واحدا ..
وهكذا أورد الأمثلة عليه ثم قال : فهذا كتاب الله ، وهذه سنّة رسول الله (ص) وهذه لغة العرب ، وهذا عرف التخاطب وهذا خليفة رسول الله (ص) والصحابة كلهم معه في عصره وثلاث سنين من عصر عمر على هذا المذهب ...
وهم يزيدون على الألف قطعا ...
والمقصود أنّ هذا القول قد دلّ عليه الكتاب والسنّة والقياس والإجماع القديم ولم يأت بعده إجماع يبطله ولكن رأى أمير المؤمنين عمر (رض) ... أنّ هذا مصلحة لهم في زمانه(٣).
وفي تعريف الإجماع يقسمه الدواليبي إلى قسمين :
أ ـ اتفاق العالمين من الأمّة في الموضوع المبحوث فيه ، وليس اتفاق الأمّة
__________________
(١) المدخل ص ٣١٧.
(٢) المدخل ص ٣١٩.
(٣) أعلام الموقعين لابن قيم الجوزية ٣ / ٣٠ ـ ٣٦ فصل حكم جمع الطلقات الثلاث بلفظ واحد.