بكاملها.
ب ـ الاتّفاق الكائن في مكان ما من الأمكنة الّتي تحدث فيها الحادثة ، أو تعرض فيها ، كالمدينة المنورة ، وليس هو الاتّفاق الكائن في جميع الأمكنة والأمصار.
وقال : فلما مضى الصحابة ، وجاء من بعدهم من العلماء أخذ هؤلاء بالإجماع أيضا كأصل من أصول الشريعة.
غير أنّ هؤلاء لم يجدوا أنفسهم أمام أصل واضح في حدوده ... (١).
* * *
جميع ما استعرضناه آنفا لا يعدو كونه عملا بالرأي ، سواء في القضايا الّتي سمّوا رأيهم فيها «تأويلا» أو «اجتهادا» أو موارد التسميات الأخرى.
فالقياس حقيقته : أن يحكم المجتهد في مسألة بحكم ورد في مسألة أخرى لما يرى بين المسألتين من مشابهة.
والاستحسان : ترك الحكم المشابه للمسألة ، لما يرى المجتهد المصلحة في خلافه.
والاستصلاح : العمل في قضية ما بما يراه المجتهد صالحا دون عمل مقارنة.
والإجماع : اتفاق آراء العلماء أو أهل بلد في حكم قضية ما. هكذا تنتهي كلّ قواعد الاجتهاد بمدرسة الخلفاء إلى الرأي ، أضف إليه أنّهم كانوا يقدّمون رأيهم على النصّ الشرعي ، مثل خبر حبس عمر الأراضي المفتوحة عنوة دون تقسيم أربعة أخماسها على الغزاة خلافا لنصّ الكتاب وعمل الرسول ، ومثل جعل القول بالتطليق ثلاثا مرّة واحدة ثلاث مرّات خلافا للكتاب والسنّة ، ثم التباهي بالعمل بالرأي خلافا للكتاب والسنّة ، ومن ثمّ كان إمام مدرسة الرأي في المجتهدين يصرّح أحيانا بتقديم رأيه على الحديث النبوي الشريف وأنّ رأيه أولى بالعمل من قول الرسول كما يأتي في الأمثلة الآتية :
إمام الحنفية والعمل بالرأي
روى الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد عن يوسف بن أسباط ، قال : قال أبو حنفية: لو أدركني رسول الله وأدركته لأخذ بكثير من قولي ، وهل الدين إلّا الرأي
__________________
(١) المدخل ص ٥ / ٣٣٤ الباب التاسع.