ودعا أمير المؤمنين ولده وأهل بيته ، وخاصّته وقوّاده وخدمه ، فبايعوا مسرعين مسرورين ، عالمين بإيثار أمير المؤمنين طاعة الله على الهوى في ولده وغيرهم ، وممّن هو أشبك منه رحما ، وأقرب قرابة وسمّاه الرضا إذ كان رضا عند أمير المؤمنين ، فبايعوا معشر أهل بيت أمير المؤمنين ومن بالمدينة المحروسة من قوّاده وجنده ، وعامّة المسلمين لأمير المؤمنين ، والرضا من بعده كتب بقلمه الشريف بعد قوله : «والرضا من بعده» بل آل من بعده علي بن موسى على اسم الله وبركته وحسن قضائه لدينه وعباده بيعة مبسوطة إليها أيديكم ، منشرحة لها صدوركم ، عالمين بما أراد أمير المؤمنين بها ، وآثر طاعة الله والنظر لنفسه ولكم فيها ، شاكرين لله على ما ألهم أمير المؤمنين من قضاء حقّه في رعايتكم ، وحرصه على رشدكم وصلاحكم ، راجين عائدة ذلك في جمع ألفتكم ، وحقن دمائكم ، ولمّ شعثكم ، وسدّ ثغوركم وقوّة دينكم ، ورغم عدوّكم واستقامة أموركم ، وسارعوا إلى طاعة الله وطاعة أمير المؤمنين فإنّه الأمن ان سارعتم إليه وحمدتم الله عليه ، عرفتم الحظّ فيه إن شاء الله وكتب بيده يوم الاثنين لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين.
صورة ما كان على ظهر العهد
بخطّ الإمام علي بن موسى الرضا عليهماالسلام :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الفعّال لما يشاء ، لا معقّب لحكمه ولا رادّ لقضائه ، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وصلاته على نبيّه محمّد خاتم النبيين وآله الطيّبين الطاهرين أقول وأنا علي بن موسى الرضا بن جعفر : إنّ أمير المؤمنين عضده الله بالسداد ووفّقه للرشاد ، عرف من حقّنا ما جهله غيره ، فوصل أرحاما قطعت وأمن نفوسا فزعت بل أحياها وقد تلفت ، وأغناها إذ افتقرت ، مبتغيا رضا ربّ العالمين ، لا يريد جزاء من غيره ، وسيجزى الله الشاكرين ، ولا يضيع أجر المحسنين ، وأنّه جعل إليّ عهده والإمرة الكبرى إن بقيت بعده ، من حلّ عقدة أمر الله بشدها ، وفصم عروة أحبّ الله إيثاقها ، فقد أباح حريمه ، وأحلّ محرمه ، إذ كان بذلك زاريا على الإمام ، منتهكا حرمة الإسلام ، بذلك جرى السالف ، فصبر عنه على الفلتات ، ولم يعترض بعدها على الغرمات ، خوفا من شتات الدين واضطراب حبل المسلمين ، ولقرب أمر الجاهليّة ، ورصد فرصة تنتهز ، وبائقة