ما كان الأئمة من اهل البيت يتمكنون دائما من اظهار ما عندهم من احكام الاسلام عن رسول الله خلافا لما عند مدرسة الخلفاء.
فقد قال أبو عبد الله ـ الصادق ـ : كان أبي يفتى ـ وكان يتقى ونحن نخاف ـ في صيد البزاة والصقور وامّا الآن فانّا لا نخاف ولا نحلّ صيدها الا ان تدرك ذكاته ، فانه في كتاب علي (ع) انّ الله عزوجل ، يقول : «وما علّمتم من الجوارح مكلّبين» في الكلاب(١).
شكوى الإمام علي (ع) من تغيير السنّة النبوية
كان ما ذكره الإمام الصادق من عدم خوفهم الآن وبيانهم الحكم كما هو في كتاب أمير المؤمنين في اخريات العصر الأموي وأوائل العهد العباسي أمّا قبل ذلك فلم يتمكن الأئمة من أهل البيت من التظاهر بخلاف ما عليه مدرسة الخلفاء عدا أيام حكم الإمام علي بن أبي طالب في بيان بعض الأحكام ولذلك ظهر في أيّامه الخلاف بين المدرستين في ذلك البعض الذي بين فيه الإمام وشيعته من الصحابة الحكم الصحيح والتفسير الحقّ للقرآن كما ورد في الكافي والاحتجاج والوسائل ومستدركه وموجزه في نهج البلاغة واللفظ للأوّل : عن سليم بن قيس الهلاليّ قال : قلت : لأمير المؤمنين (ع) : إنّي سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذرّ شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن نبيّ الله (ص) غير ما في أيدي النّاس ، ثمّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ورأيت في أيدي النّاس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبيّ الله (ص) أنتم تخالفونهم فيها وتزعمون أنّ ذلك كلّه باطل ، أفتري الناس يكذبون على رسول الله (ص) متعمّدين ، ويفسّرون القرآن بآرائهم؟ قال : فأقبل عليّ فقال : قد سألت فافهم الجواب :
إنّ في أيدي الناس حقّا وباطلا ، وصدقا وكذبا ، وناسخا ومنسوخا ، وعامّا وخاصّا ، ومحكما ومتشابها ، وحفظا ووهما ، وقد كذب على رسول الله (ص) على عهده
__________________
والحكم بن عتيبة الكوفي الكندي ولاء روى عن الإمامين الباقر والصادق. توفي سنة ١١٣ ـ أو ١٤ أو ١٥. قاموس الرجال ٣ / ٣٧٥.
وأبو محمّد مات وله نيف وستون أخرج حديثه أصحاب الصحاح. التهذيب ١ / ١٩٢.
وسلمة بن كهيل أبو يحيى الحضرمي الكوفي ، أدرك الإمامين الباقر والصادق. قاموس الرجال ٤ / ٤٣٩.
وأبو المقدام ثابت بن هرمز الحداد الفارسي العجلي ولاء ، أدرك الإمامين الباقر والصادق وهو وسلمة من البترية الذين دعوا إلى ولاية علي وخلطوها بولاية أبي بكر وعمر ، ويثبتون إمامتهما ويبغضون عثمان وطلحة والزبير وعائشة ، ويرون الخروج مع بطون ولد علي بن أبي طالب ، يذهبون في ذلك إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويثبتون لكل من خرج من ولد علي بن أبي طالب عند خروجه الإمامة. قاموس الرجال ٢ / ٢٨٧ ـ ٢٨٩
(١) الكافي ٦ / ٢٠٧ ، والتهذيب ٩ / ٣٣ ، والوسائل ١٦ / ٢٠٧ ، وفي ٢٢٠ منه باختصار.