لدى عامة المسلمين ولدى أصحاب رسول الله (ص) خاصّة أن يتخذ من سيرتهما في عداد سنة الرسول دستورا للمجتمع الإسلامي ، وتعقد الخلافة لعثمان على أن يعمل بسنّة خاتم الأنبياء وسيرة الخليفتين (١). وقد مرّ بنا في ما سبق أنّهما كانا يعملان برأيهما في الأحكام فقد أسقطا سهم آل البيت خاصة وبني هاشم عامّة من عامّة موارد الخمس مع وجود النص عليه في الكتاب والسنّة ، وأسقط أبو بكر القود والحدّ عن خالد بن الوليد خلافا للنصّ الشرعي ووفقا لرأيه ، وحرّم عمر متعتي الحجّ والنساء وفقا لاجتهاده وأوجد النظام الطبقي في تقسيم بيت المال ، إلى غير ذلك ممّا بدّلا فيه أحكام الإسلام وفق ما رأيا من مصلحة خاصّة أو عامّة ، وتابعهما على ذلك الخليفة الثالث عثمان بن عفّان (رض). ولمّا جاء دور الإمام علي شكا من تغييرهم أحكام الإسلام ، ولم يستطع أن يعيدها إلى ما كانت عليه على عهد النبي (ص) ، ثمّ جاء بعدهم الخليفة معاوية ، فزاد في الطين بلّة في ما فعل وغيّر وبدل.
وغمّ بعد ذلك أمر الأحكام الإسلامية والتبس على المسلمين بحيث لم يعد ممكنا إعادة الأحكام الّتي بدّلها الخلفاء إلى المجتمع الإسلامي مع رؤية المسلمين التقديسية للخلفاء الّذين بدّلوا تلك الأحكام. فما ذا صنع أئمة أهل البيت في مقابل ذلك؟ وكيف استطاعوا أن يعيدوا أحكام الإسلام ثانية إلى المجتمع؟ هذا ما يأتي بيانه في باب أئمّة أهل البيت (عليهمالسلام) يعيدون أحكام الإسلام إلى المجتمع وفيه تتمة هذا البحث.
__________________
(١) عبد الله بن سبأ ج ١ ، باب الشورى وبيعة عثمان.