(٢)
موقف المدرستين من نشر حديث الرسول (ص) في القرن الأوّل
بالإضافة إلى ما ذكرنا حدد معالم المدرستين وأطرّ كلّا منهما باطارها الخاص بها نشاط رجال المدرستين في نشر الحديث ، فبينا منع الخلفاء من كتابة حديث رسول الله (ص) ونشره ؛ نشطت المدرسة الأخرى في سبيل نشره متحديّة جهود مدرسة الخلفاء في سبيل منعه ، وقد بدأت المعركة سافرة صريحة منذ آخر ساعات حياة الرسول (ص) عند ما قال : «آتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا ، فقالوا : يهجر رسول الله (ص) (١).
وقد عيّن البخاري في حديث آخر يرويه عن ابن عباس قائل هذا القول ، قال :
«لمّا حضر النبيّ (ص) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال : هلمّ أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده ، قال عمر : إنّ النبيّ (ص) غلبه الوجع وعندكم كتاب الله ، فحسبنا كتاب الله ، واختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول ما قال عمر ، فلمّا أكثروا اللغط والاختلاف ، قال : قوموا عنّي ولا ينبغي عندي التنازع» (٢)
__________________
(١) البخاري في صحيحه ، باب جوائز الوفد من كتاب الجهاد ، ٢ / ١٢٠ ، وباب إخراج اليهود من جزيرة العرب من كتاب الجزية ٢ / ١٣٦ ، ومسلم في صحيحه ٥ / ٧٥ باب ترك الوصية. رواه مسلم بسبعة أسانيد.
ومسند أحمد ١ / ٢٢٢ ، تحقيق محمد شاكر ، الحديث ١٩٣٥. وطبقات ابن سعد ، ط بيروت ٢ / ٢٤٤ ، وتاريخ الطبري ٣ / ١٩٣. وفي لفظهم : ما شأنه؟ هجر؟! قال الراوي يعني : هذى! استفهموه فذهبوا يعيدون عليه ، فقال : دعوني ... الحديث.
وفي صحيح مسلم ٥ / ٧٦ ، وتاريخ الطبري ٣ / ١٩٣ ، وطبقات ابن سعد ٢ / ٢٤٣ ولفظه : «إنما يهجر رسول الله).
(٢) البخاري ، كتاب العلم ، باب العلم ١ / ٢٢.