وفي رواية لعمر ذكر كيفية تنازعهم قال :
كنّا عند النبيّ وبيننا وبين النساء حجاب ، فقال رسول الله (ص) : «اغسلوني بسبع قرب ، وأتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده فقالت النسوة (١) : ائتوا رسول الله بحاجته فقال عمر فقلت : اسكتن فإنّكنّ صواحبه إذا مرض عصر تن أعينكن وإن صحّ أخذتنّ بعنقه ، فقال رسول الله (ص) : هنّ خير منكم» (٢).
وفي رواية أخرى انّ زينب زوج النبي (ص) قالت : ألا تسمعون النبيّ (ص) يعهد إليكم فلغطوا فقال : قوموا فلمّا قاموا قبض النبيّ مكانه (٣).
ويظهر من بعض الأحاديث أنّهم نشطوا لمنع كتابة حديث الرسول (ص) قبل ذلك وفي زمان صحّة الرسول (ص) ، قال عبد الله بن عمرو بن العاص : «كنت أكتب كلّ شيء أسمعه من رسول الله (ص) فنهتني قريش وقالوا : تكتب كلّ شيء سمعته من رسول الله (ص) ورسول الله بشر يتكلّم في الغضب والرضا؟ فأمسكت عن الكتابة فذكرت ذلك لرسول الله فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال : «أكتب فو الّذي نفسي بيده ما خرج منه إلّا حقّ» (٤).
* * *
قد كشفوا النقاب في حديثهم مع عبد الله عن سبب منعهم من كتابة حديث الرسول ، وهو خشيتهم من أن يروى عنه حديث في حقّ أناس قاله فيهم حال رضاه عنهم ، وفي حق آخرين ما قاله في حال غضبه عليهم.
__________________
(١) في امتاع الاسماع ، ص ٥٤٦ فقالت زينب بنت جحش وصواحبها.
(٢) طبقات ابن سعد ، ط بيروت ٢ / ٢٤٣ ـ ٢٤٤ باب الكتاب الذي أراد أن يكتبه الرسول لأمّته ، ونهاية الارب ١٨ / ٣٥٧ ، وكنز العمال ، الطبعة الأولى ، ٣ / ١٣٨ و ٤ / ٥٢.
(٣) طبقات ابن سعد ، ٢ / ٢٤٤.
(٤) سنن الدارمي ، ١ / ١٢٥ ، باب من رخص في الكتابة من المقدمة ، وسنن أبي داود ٢ / ١٢٦ ، باب كتابة العلم ، ومسند أحمد ٢ / ١٦٢ ، ١٩٢ و ٢٠٧ و ٢١٥ ، ومستدرك الحاكم ١ / ١٠٥ ـ ١٠٦ ، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ١ / ٨٥ ط. الثانية ، ط العاصمة بالقاهرة سنة ١٣٨٨.
وعبد الله بن عمرو بن العاص قرشي سهمي وأمه ريطة بنت منبه السهمي كان اصغر من أبيه بإحدى عشرة أو اثنتى عشرة سنة. اختلفوا في وفاته أكان بمصر أو الطائف أو مكة وعام ٦٣ أو ٦٥. راجع ترجمته بأسد الغابة ٣ / ٢٣ ، والنبلاء ٣ / ٥٦ ، وتهذيب التهذيب ٥ / ٣٣٧.