وأربعين وأمّره عليها دعاه وقال له : قد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة أنا تاركها اعتمادا على بصرك ، ولست تاركا إيصاءك بخصلة : لا تترك شتم عليّ وذمّه ، والترحّم على عثمان والاستغفار له ، والعيب لأصحاب عليّ والإقصاء لهم ، والإطراء لشيعة عثمان والإدناء لهم ، فقال له المغيرة : قد جرّبت وجرّبت ، وعملت قبلك لغيرك ، فلم يذممني وستبلو فتحمد أو تذمّ ، فقال : بل نحمد إن شاء الله (١).
وروى المدائني في كتاب الأحداث وقال : كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام الجماعة : أن برئت الذمّة ممّن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته وكان أشدّ البلاء حينئذ أهل الكوفة (٢).
وفي هذا السبيل قتل حجر بن عدي وأصحابه صبرا ، وقتل وصلب رشيد الهجري وميثم التمار (٣).
__________________
(١) في ذكر حوادث سنة ٥١ ه من كل من الطبري ٢ / ١١٢ ـ ١١٣ و ٢ / ٣٨ ، وابن الاثير ٣ / ١٠٢.
والمغيرة بن شعبة بن أبي عامر الثقفي ، أمّه أمامة بنت الأفقم ، أسلم عام الخندق وكان سبب إسلامه ما ذكره الواقدي في مغازيه ٢ / ٥٩٥ ـ ٥٩٨ قال كان قد خرج مع أربعة عشر الى المقوقس فآثرهم عليه.
فلما رجعوا وكانوا بين خيبر والمدينة ، شربوا خمرا فكف المغيرة عن بعض الشراب فسكر ثلاثة عشر من حلفائه فوثب عليهم وقتلهم عن آخرهم وهرب الرابع عشر فأخذ أمتعتهم وأموالهم ولحق بالنّبيّ وأظهر الإسلام.
فقال النبيّ لا أخمسه هذا غدر ، فدفع عمه عروة بن مسعود ثلاثة عشر دية عنه ، وفي زمن ولايته على البصرة شهدوا عليه بالزنى وأثر الخليفة عمر على أحدهم فحرف شهادته فدرأ عنه الحد ، كما أوردناه في فصل زناء المغيرة من : «عبد الله بن سبأ ج ١» ومات في ولايته على الكوفة سنة ٥٠ ه. روى عنه أصحاب الصحاح ١٣٦ حديثا. ترجمته بأسد الغابة ، وجوامع السيرة ص ٢٧٨.
(٢) برواية ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عنه ٣ / ١٥ ـ ١٦ ، ط البابي الحلبي. وعام الجماعة يأتي تفسيره.
(٣) حجر بن عدي بن معاوية الكندي المعروف بحجر الخير. وفد على النبيّ وشهد القادسية وشهد مع على الجمل وصفين ، وكان على كندة وعلى الميسرة بنهروان. ولما أنكر على زياد بن أبيه لعن الامام علي وحصبه يوما لتأخيره الصلاة بعث به وبجماعته بأمر من معاوية إلى الشام فأمر معاوية بقتل من لم يتبرأ من الإمام وقتل على ذلك حجر «بمرج عذراء» سنة إحدى وخمسين. راجع تفصيل قصته في : عبد الله بن سبأ ، ج ٢ ، فصل : حقيقة ابن سبأ والسبائية.
ورشيد الهجري نسبة إلى مدينة هجر باليمن. قيل هو رشيد الفارسي مولى بني معاوية من الأنصار ترجمته في الاستيعاب وأسد الغابة وفي لغة الهجري من اللباب : عداده في أهل الكوفة كان يؤمن بالرجعة وتكلم في ذلك بالكوفة ، فقطع زياد لسانه وصلبه ، ترجمته برجال الكشي ص ٧٨.
وميثم بن يحيى التمار ، كان عبدا لا مرأة من بني أسد فاشتراه الإمام علي وأعتقه ، ولما جلبه ابن زياد قال: ـ