الصحابة ممن كان في دينه رقّة ، وفي نفسه ضعف من أمثال عمرو بن العاص ، وسمرة ابن جندب (١) ، وأبي هريرة. فاستجابوا له ووضعوا له من الحديث ما يساعده ، ثمّ رووه عن رسول الله (ص).
مثال ذلك ما رواه المدائني في كتاب الأحداث قال :
(كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام الجماعة أن برئت الذّمة ممّن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته.
وكتب إليهم أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبّيه وأهل ولايته والّذين يروون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم ، وقرّبوهم وأكرموهم واكتبوا إليّ بكلّ ما يروى كلّ رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته. ففعلوا ذلك حتّى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه لما كان يبعث إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع ويفيضه في العرب منهم والموالي ؛ فكثر ذلك في كلّ مصر ، وتنافسوا في المنازل والدنيا ، فليس يجيء أحد مردود من الناس عاملا من عمّال معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلّا كتب اسمه وقرّبه وشفّعه. فلبثوا بذلك حينا.
ثمّ كتب إلى عماله : إنّ الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كلّ مصر وفي كلّ وجه وناحية ، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلّا وتأتوني بمناقض له في الصحابة ؛ فإنّ هذا أحبّ إليّ ، وأقرّ لعيني ، وأدحض لحجّة أبي تراب وشيعته ، وأشدّ عليهم من مناقب عثمان وفضله.
فقرئت كتبه على الناس ، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها. وجدّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتّى أشادوا بذكر ذلك على المنابر ، وألقي إلى معلمي الكتاتيب فعلّموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير
__________________
(١) سمرة بن جندب بن هلال الفزاري. قدمت به أمّه المدينة بعد موت ابيه ، فتزوجها شيبان بن ثعلبة الأنصاري. وحالف سمرة الانصار قال رسول الله لبعض أصحابه وفيهم سمرة : آخركم موتا في النار. فكان سمرة آخرهم موتا. مات سنة ٥٩ في البصرة. ترجمته بأسد الغابة والنبلاء ، أخرج له جميع أصحاب الصحاح. وأخباره مع معاوية وما وضع له من حديث وعدد من قتل في إمارته في كتاب : «أحاديث أم المؤمنين عائشة» ص ٢٩٧ ـ ٢٩٨.