الواسع حتّى رووه وتعلّموه كما يتعلّمون القرآن وحتّى علّموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم فلبثوا بذلك ما شاء الله).
(... فظهر حديث كثير موضوع ، وبهتان منتشر ، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة ، وكان أعظم الناس في ذلك بليّة القرّاء المراءون والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والنسك ، فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم ويقرّبوا مجالسهم ويصيبوا به الأموال والضياع والمنازل ، حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديّانين الذين لا يستحلّون الكذب والبهتان ، فقبلوها ورووها وهم يظنّون أنّها حقّ ولو علموا أنّها باطلة لما رووها ولا تديّنوا بها» (١).
وقد سمّى ابن أبي الحديد قوما من الصحابة والتابعين ممّن وضعهم معاوية لرواية الأخبار (٢) ، وأخرجنا بعضها في كتابنا : (أحاديث أم المؤمنين عائشة) (٣).
وقد سمّوا كلّ تلكم الاحاديث الموضوعة بسنة النبيّ والويل لمن أنكرها ولم يؤمن بها ولم يصدّقها (٤).
على عهد عمر بن عبد العزيز :
لما ولي عمر بن عبد العزيز الأموي (٥) أمر برفع الحظر عن كتابة سنّة الرسول (ص) ، وكتب إلى أهل المدينة «أن انظروا حديث رسول الله (ص) فاكتبوه فإنّي خفت دروس العلم وذهاب أهله».
__________________
(١) ابن أبي الحديد في شرح «من كلام له (ع) وقد سأله سائل عن أحاديث البدع» رقم / ٢٠٣ ج ٣ / ١٥ ـ ١٦ ، وأحمد أمين في فجر الإسلام ٢٧٥.
(٢) في شرح : ومن كلام له (ع) لأصحابه «اما انه سيظهر عليكم بعدي رجل» ج ١ / ٣٥٨.
(٣) وفي كتاب أحاديث أمّ المؤمنين فصل نتائج البحث من باب مع معاوية ص ٢٩٥ ـ ٢٩٧.
(٤) روى الخطيب في ج ١٤ / ٧ من تاريخ بغداد ، أنّه ذكر عند الرشيد وعنده رجل من وجوه قريش حديث أبي هريرة «أن موسى لقي آدم فقال : أنت آدم الذي أخرجتنا من الجنة.» فقال القرشى : أين لقي آدم موسى قال : فغضب الرشيد وقال : النطع والسيف زنديق والله يطعن في حديث رسول الله ، فما زال الراوي ـ أبو معاوية ـ يسكنه ويقول : كانت منه بادرة ولم يفهم يا أمير المؤمنين ، حتّى سكّنه.
(٥) أبو حفص عمر بن عبد العزيز. ولي الخلافة سنة ٩٩ فرفع اللعن عن الإمام علي ، وأرجع فدكا إلى ورثة الزهراء ، وأمر بكتابة الحديث وله حسنات أخرى. توفي سنة ١٠١ ه. راجع ترجمته بتاريخ الخلفاء للسيوطي ، وتقريب ـ