وكان ابن شهاب الزهري أوّل من دوّن الحديث على رأس المائة بأمر عمر ابن عبد العزيز (١).
غير أنّه لم يتم الأمر لوفاة عمر بن عبد العزيز بالسمّ عام (١٠١ ه) ، وفقد ما كان دوّن في عصره. فقد روى ابن حجر في ترجمة أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم (ت ١١٧ ه) ما موجزه :
كتب إليه عمر بن عبد العزيز ، أن يكتب له العلم. وقال ابنه بعد وفاته : ضاعت تلك الكتب (٢).
وكذلك لم يبق ما دون غيره من العلم ، حتى ولي أبو جعفر المنصور وحرض العلماء على التدوين ، قال الذهبي في ذكر حوادث سنة ١٤٣ :
وفي هذا العصر شرع علماء الإسلام في تدوين الحديث والفقه والتفسير فصنف ابن جريج التصانيف بمكة ؛ وصنف سعيد بن أبي عروبة ؛ وحماد بن سلمة وغيرهما بالبصرة ؛ وصنف الأوزاعي بالشام ؛ وصنف مالك الموطأ بالمدينة وصنف ابن اسحاق المغازي ؛ وصنف معمر باليمن ؛ وصنف أبو حنيفة وغيره الفقه والرأي بالكوفة ، وصنف سفيان الثوري كتاب الجامع ؛ ثم بعد يسير صنف هشيم كتبه ؛ وصنف الليث بمصر وابن لهيعة ثمّ ابن المبارك وأبو يوسف وابن وهب (٣). وكثر تدوين العلم وتبويبه ودونت كتب العربية واللغة والتاريخ وأيام الناس. وقبل هذا العصر كان سائر الأئمة يتكلمون
__________________
ـ التهذيب لابن حجر وفي شأن أمره بكتابة الحديث راجع مقدمة الدارمي ص ١٢٦. وطبقات ابن سعد ط بيروت (٧ / ٤٤٧) ومصنف عبد الرزاق ط. الهند عام ١٩٧٠ (٩ / ٣٣٧) وأخبار اصبهان لأبي نعيم (١ / ٣١٢) وتدريب الراوي للسيوطي ص ٩٠.
(١) فتح الباري (١ / ٢١٨) باب كتابة العلم.
(٢) راجع تهذيب ١٢ / ٣٩.
(٣) ابن جريج : عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكّي ، سمع جمعا من العلماء. يقال إنّه أوّل من ـ