تأييدا لاجتهادات الخلفاء في مقابل سنّة الرسول (ص) ـ كما سندرسها في البحوث الآتية إن شاء الله تعالى ـ ودوّنوا معها أيضا أحيانا أحاديث إسرائيليّة ممّا درسناها في البحثين الحادي عشر والثاني عشر من سلسلة بحوث (أثر الأئمة في إحياء السّنّة) ومارسوا في عصور التأليف ـ أيضا ـ أنواعا من الكتمان لسنة الرسول (ص) درسنا عشرة منها في بحث الوصيّة من الجزء الأوّل من هذا الكتاب. وسيأتي ذكر تقويمهم للموسوعات الحديثية بآخر الجزء الثالث ، إن شاء الله تعالى.
وقد وجدت الأحاديث المتناقضة بعد وضع الحديث على عهد معاوية تأييدا لسياسة الخلفاء ، كالآتي بيانه.
كيف وجد الحديثان المتناقضان
لعل من الأحاديث التي رويت على عهد معاوية وسجّلت في عداد أحاديث الرسول (ص) واعتبرت من سنته ، هي الأحاديث الآتية :
في صحيح مسلم وسنن الدارمي ومسند أحمد واللفظ للأوّل ، أنّ رسول الله (ص) قال :
«لا تكتبوا عنّي ، ومن كتب عنّي غير القرآن فليمحه» (١).
وفي رواية : «إنّهم استأذنوا النبيّ (ص) في أن يكتبوا عنه فلم يأذن لهم» (٢).
وفي مسند أحمد وسنن أبي داود عن زيد بن ثابت واللفظ للأوّل :
إنّ رسول الله (ص) نهى أن نكتب شيئا من حديثه فمحاه (٣).
وفي مسند أحمد ، عن أبي هريرة قال : كنّا قعودا نكتب ما نسمع من النبيّ (ص) فخرج علينا فقال : ما هذا تكتبون؟
فقلنا : ما نسمع منك.
فقال : أكتاب مع كتاب الله؟
__________________
(١) صحيح مسلم ٤ / ٩٧ ـ كتاب الزهد ، باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم ح ٧٢. وسنن الدارمي ١ / ١١٩ المقدمة باب ٤٢ ، ومسند أحمد ٣ / ١٢ و ٣٩ و ٥٦.
(٢) سنن الدارمي المقدمة باب ١ / ١١٩.
(٣) مسند أحمد ٥ / ١٨٢ ، وسنن أبي داود كتاب العلم ٣ / ٣١٩.