ـ ٣ ـ
مجتهد ومدرسة الخلفاء في القرن الأوّل وموارد اجتهادهم
أ ـ خاتم الأنبياء وسيّد الرسل (ص)
قال ابن أبي الحديد المعتزلي في مقام الاعتذار عن تخلّف الخليفتين أبي بكر وعمر عن جيش اسامة : «إنّه ـ أي الرسول (ع) ـ كان يبعث السرايا عن اجتهاد لا عن وحي يحرم مخالفته» (١). ثم أطال الحديث عن اجتهاد الرسول في هذه القضيّة.
ويأتي في باب اجتهاد الخليفة عمر مورد آخر ممّا وصفوا فيه حكم الرسول بالاجتهاد. كما نعرض أدلّتهم على اجتهاد الرسول بشيء من التفصيل مع بيان رأينا حولها في ما يأتي من هذه البحوث ـ إن شاء الله تعالى ـ ، لهذا كلّه صدّرنا أسماء المجتهدين عندهم باسم النبيّ الأكرم (ص) ، خلافا لما عليه المذهب الإماميّ الذي ينفي الاجتهاد عنه بتاتا.
ب ـ الخليفة الأوّل أبو بكر (رض)
أجاب القوشجي في شرح التجريد على اعتراض الطوسي على الخليفة أبي بكر من أنّه «أحرق الفجاءة السلمي ، ولم يعرف الكلالة ، وميراث الجدّة».
قال : «إحراقه الفجاءة بالنّار من غلطة في اجتهاده فكم مثله للمجتهدين ، وأمّا مسألة الكلالة والجدّة فليس بدعا من المجتهدين إذ يبحثون عن مدارك الأحكام
__________________
(١) في شرح «ومن كتاب له إلى أهل مصر مع مالك» من شرح نهج البلاغة ج ٤ / ١٧٨ ط. مصطفى البابي بمصر سنة ١٣٢٩ ه تأليف عز الدين عبد الحميد بن محمّد بن محمّد بن الحسين بن أبي الحديد المدائني المعتزلي الأديب المؤرخ (٥٨٦ ـ ٦٥٥ ه) ببغداد.