ونقل المعتزلي في جوابهم على ما انتقد من ردّ الحكم أنّهم قالوا : «إنّ الرسول لو لم يأذن في ردّه لجاز أن يردّه إذا أدّاه اجتهاده إلى ذلك لأنّ الأحوال تتغيّر» (١).
وقال ابن تيميّة ـ أيضا ـ : «هو أمر اجتهادي».
وقال في جواب ما انتقد عليه ممّا وقع بينه وبين ابن مسعود : «إذا كان كل واحد منهما مجتهدا في ما قاله أثابه الله على حسناته وغفر له سيّئاته».
وقال : «قد يكون الإمام مجتهدا في العقوبة مثابا عليها وأولئك مجتهدون في ما فعلوه لا يأثمون به ، بل يثابون عليه لاجتهادهم مثل شهادة أبي بكرة على المغيرة ، فإنّ أبا بكرة رجل صالح من خيار المسلمين قد كان محتسبا في شهادته معتقدا أنّه يثاب على ذلك. (٢) فلا يمتنع أن يكون ما جرى من عثمان في تأديب ابن مسعود وعمّار من هذا الباب. وإذا كان المقتتلون قد يكون كلّ منهم مجتهدا مغفورا له خطؤه (٣) ، فالمختصمون أولى بذلك»(٤).
وأجاب عما اورد عليه في زيادة الأذان الثالث يوم الجمعة ، أنّها من مسائل الاجتهاد.(٥)
وقال ابن حجر الهيتمي في صواعقه : «وأمّا ابن مسعود ، فكان ينقم على عثمان كثيرا فظهرت المصلحة في عزله (٦). على أنّ المجتهد لا يعترض عليه في اموره الاجتهادية ، لكن أولئك الملاعين المعترضين لا فهم لهم بل ولا عقل» (٧).
وقال : «إنّ حبسه لعطاء ابن مسعود وهجره له فلما بلغه عنه ممّا يوجب ذلك لا سيّما وكلّ منهما مجتهد فلا يعترض بما فعله أحدهما مع الآخر» (٨).
__________________
(١) بشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١ / ٢٣٣.
(٢) لست أدري ما ذا يقول في المغيرة وفي ما شهد الشهود الأربعة عليه بأنّه جلس بين رجلي أم جميل ، وهل يراه مجتهدا مثابا على فعله لأنّه من صحابة رسول الله (ص)!؟
(٣) حتّى في ما إذا كان اجتهاده مخالفا لنصوص الكتاب والسنة؟!
(٤) منهاج السنة ج ٣ / ١٩٣ ، وكلّ ما أورد ابن تيمية هنا من أمثلة اجتهاد الصحابة دفاعا عن عثمان ، هي من قبيل المصادرة بالمطلوب.
(٥) المصدر السابق ج ٣ / ٢٠٤.
(٦) مصلحة من؟ مصلحة ابن مسعود أم المسلمين أم بني أمية؟!
(٧) الصواعق المحرقة لابن حجر شهاب الدين أحمد بن محمد بن علي بن حجر المصري الهيتمي الأنصاري ٩٠٩ ـ ٩٧٤ ه ، ط. تصحيح الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف مكتبة القاهرة بمصر سنة ١٣٧٥ ه ، ص ١١١.
(٨) المصدر السابق ص : ١١٢.