لست ادري كيف أصبح عبد الرحمن بن ملجم مجتهدا ، ولم يكن من الصحابة! ولست أدري كيف أصبح يزيد ـ أيضا ـ مجتهدا كما يأتي التصريح به ، ولم يكن من الصحابة!
ل ـ الخليفة الإمام يزيد بن معاوية
قال أبو الخير الشافعي في حقّ يزيد : «ذاك إمام مجتهد» (١).
وقال ابن كثير بعد ما نقل عن أبي الفرج (٢) تجويز لعنه : «ومنع من ذلك آخرون وصنفوا في ذلك أيضا لئلا يجعل لعنه وسيلة إلى [لعن (٣)] أبيه أو أحد من الصحابة ، وحملوا ما صدر منه من سوء التصرّفات على أنّه تأوّل فأخطأ وقالوا : إنه مع ذلك كان إماما فاسقا ، والإمام إذا فسق لا يعزل بمجرّد فسقه على أصحّ قولي العلماء ، بل ولا يجوز الخروج عليه لما في ذلك من إثارة الفتنة ووقوع الهرج وسفك الدم الحرام ... وأمّا ما ذكره بعض الناس من أنّ يزيد لمّا بلغه خبر أهل المدينة وما جرى عليهم عند الحرّة من مسلم بن عقبة (٤) وجيشه فرح بذلك فرحا شديدا ، فإنّه يرى أنّه الإمام وقد خرجوا عن طاعته ، وأمّروا عليهم غيره فله قتالهم حتّى يرجعوا إلى الطاعة ولزوم الجماعة» (٥).
ونقل ابن حجر في الصواعق عن الغزالي والمتولّي القول بأنّه : «لا يجوز لعن يزيد ولا تكفيره ، فإنّه من جملة المؤمنين. وأمره إلى مشيئة الله إن شاء عذّبه وإن شاء عفا عنه» (٦)
__________________
ـ النفي تأليف الشيخ علاء الدين علي بن عثمان المعروف بابن التركماني الحنفي (ت ٧٥٠ ه) قال في مقدمته : «هذه فوائد علّقتها على السنن الكبيرة ...» والسنن لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت ٤٥٨ ه) ، قال حاجي خليفة في كشف الظنون : «لم يؤلف في الإسلام مثله» راجع كشف الظنون ٢ / ١٠٠٧.
(١) بتاريخ ابن كثير ١٣ / ٩ ، وأبو الخير هو أحمد بن إسماعيل بن يوسف الشافعي الأشعري المفسر كان يعظ بالمدرسة النظامية ببغداد (ت ٥٩٠ ه).
(٢) أبو الفرج ابن الجوزي عبد الرحمن بن علي بن محمد البكري الحنبلي الواعظ المحدث المفسر ، له كتاب الردّ على عبد المغيث بن زهير الحنبلي الذي ألف كتابا في فضائل يزيد توفي ببغداد سنة ٥٩٧ ه.
(٣) يقتضيه السياق ولم يكن في الأصل.
(٤) مسلم بن عقبة قائد جيش يزيد في واقعة الحرة بمدينة الرسول (ص).
(٥) بتاريخ ابن كثير ٨ / ٢٢٣ ـ ٢٢٤.
(٦) في الصواعق المحرقة لابن حجر ، ص ٢٢١.
والمتولي : ابو سعيد عبد الرحمن بن أبي محمد ، مأمون بن علي المتولي ، الأصولي ، الفقيه الشافعي النيسابوري تولى التدريس بالنظامية ببغداد (ت ٤٧٨ ه). الكني والألقاب ٣ / ١١٩ وراجع إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي (ت : ٥٠٥ ه) ٣ / ١٢٥.