ـ ٤ ـ
شرح موارد اجتهاد المذكورين
أ ـ رسول الله (ص)
كان رسول الله (ص) أوّل من وصف في مدرسة الخلفاء بالاجتهاد كما مرّ قولهم في قصّة بعث أسامة «انّه كان يبعث السرايا عن اجتهاد» فما هي قصّة بعث أسامة وكيف كان تخلّف الخليفتين عنه؟
في طبقات ابن سعد وأنساب الأشراف وعيون الأثر وغيرها واللفظ للأوّل : «لمّا كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدي عشرة من مهاجر رسول الله أمر رسول الله (ص) الناس بالتهيّؤ لغزو الروم ، فلمّا كان من الغد دعا اسامة بن زيد فقال : «سر إلى موضع مقتل أبيك فأوطئهم الخيل ، فقد ولّيتك هذا الجيش ...»
فلمّا كان يوم الأربعاء بدئ برسول الله (ص) فحمّ وصدع ، فلمّا أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواءه بيده ... فخرج بلوائه معقودا وعسكر بالجرف (١) فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأوّلين والأنصار إلّا انتدب في تلك الغزوة فيهم أبو بكر الصدّيق وعمر بن الخطّاب ، وأبو عبيدة بن الجرّاح ، وسعيد بن زيد و... فتكلّم قوم ، وقالوا : يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأوّلين! فغضب رسول الله غضبا شديدا ، فخرج وقد عصّب على رأسه عصابة وعليه قطيفة ، فصعد المنبر وقال :
«ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري اسامة ، ولقد طعنتم في إمارتي أباه قبله ، وأيم الله إنّه كان للإمارة لخليقا ، وإنّ ابنه من بعده لخليق للإمارة».
__________________
(١) الجرف : موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام. معجم البلدان.