ثمّ فرض لمن شهد أحدا فما بعدها إلى الحديبية أربعة آلاف.
ثمّ فرض لكل من شهد المشاهد بعد الحديبية ثلاثة آلاف.
ثمّ فرض لكلّ من شهد المشاهد بعد وفاة رسول الله (ص) ألفين ، وألفا وخمسمائة ، وألفا واحدا ، إلى مائتين.
قال : ومات عمر على ذلك.
قال : وجعل نساء أهل بدر على خمسمائة ، ونساء من بعد بدر إلى الحديبية على أربعمائة ، ونساء من بعد ذلك على ثلاثمائة ، وجعل نساء أهل القادسية على مائتين مائتين ثمّ سوّى بين النساء بعد ذلك (١).
وتختلف رواية اليعقوبي عن هذه الرواية وفيها : «ولأهل مكّة من كبار قريش مثل أبي سفيان بن حرب ومعاوية بن أبي سفيان خمسة آلاف» (٢).
هكذا فضّل بعضهم على بعض في العطاء حتّى بلغ العطاء لبعضهم ستين مرّة أكثر من الآخرين مثل عطاء أمّ المؤمنين عائشة الاثني عشر ألفا بالنسبة للمائتين (عطاء قسم من النساء المسلمات) وبذلك أوجد النظام الطبقي داخل المجتمع الإسلامي خلافا لسنّة الرسول فاجتمعت الثروة في جانب وبان الإعسار في الجانب الآخر ، وتكوّنت طبقة مترفة تتقاعس عن العمل ، ويبدو أن الخليفة أدرك خطورة الأمر في آخر حياته فقد روى الطبري انه قال :
«لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء فقسّمتها على فقراء المهاجرين» (٣).
وفي ما تمنّى ـ أيضا ـ فضل فقراء المهاجرين على فقراء الأنصار وفقراء سائر المسلمين! (٤)
ومن أوضار تقسيم بيت المال على صورة عطاء سنويّ أنّ المسلمين أصبحوا بعد ذلك تحت ضغط الولاة وكان الولاة يقطعون عطاء من خالفهم ، ويزيدون في عطاء من
__________________
(١) روى عنه ابن أبي الحديد في الطعن الخامس بشرح «لله بلاد فلان ...» من شرح النهج ٣ / ١٥٤ ، وورد هذا أيضا في باب ذكر العطاء في خلافة عمر من فتوح البلدان ص ٥٥٠ ـ ٥٦٥.
(٢) بتاريخ اليعقوبي ٢ / ١٥٣.
(٣) تاريخ الطبري ٥ / ٣٣ في ذكر سيرة عمر باب جمله الدرة.
(٤) ولست أدري ما معنى أخذه أموال الناس في غير ما فرض الله ، لو فعل ذلك.