المطلب الثاني
الكلام في الآلام والأعواض
اختلف الناس في الآلام ، فقال قوم : بحسنها أجمع ، بمعنى أنّ العقل لا يحكم بقبح شيء منها ، وهم الأشعريّة. وقال الثنويّة (١١٧) بقبحها أجمع ، وفصّل الآخرون فقالت التناسخيّة (١١٨) لا يحسن منها إلّا ما كان مستحقّا ، وقالت المعتزلة لا يحسن منها إلّا ما كان مستحقّا ، أو فيه نفع يوفّى عليه ، أو دفع ضرر أعظم منه ، أو يكون على سبيل المدافعة ، أو جاريا مجرى فعل الغير بالعادة.
أمّا أنّه يحسن للاستحقاق ، فإنّا نستحسن ذمّ المسيء في وجهه وإن تألّم بذلك ، ولا وجه لحسنه إلّا الاستحقاق. وأمّا حسنها بالعوض الموفّى
__________________
(١١٧) فرقة من المعتزلة وهي التي قالت : إنّ الخير من الله والشرّ من إبليس. معجم الفرق ٧٥ ، والثنويّة من غير المسلمين هم الذين يقولون بمبدأين للخيرات والشرور.
(١١٨) طائفة تقول بتناسخ الأرواح وأن لا بعث ، فالبعث عندهم مجاز. راجع معجم الفرق ٧٠.