أمّا الشفاعة : فقد اتّفق المسلمون على أنّ للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (١٥٩) شفاعة ، لكن اختلفوا فزعم قوم أنّها زيادة في الثواب لا في إسقاط المضارّ ، وقال آخرون : هي حقيقة في إسقاط المضارّ لا غير ، وهو الحقّ.
لنا وجهان : أحدهما : أنّها حقيقة في إسقاط المضارّ ، فلا يكون حقيقة في غيره دفعا للاشتراك. فإن قيل : وقد تستعمل في زيادة المنافع فتكون حقيقة فيه دفعا للمجاز ، أو في القدر المشترك بينهما دفعا للمجاز والاشتراك. (١٦٠) قلنا : لو كانت حقيقة في زيادة المنافع أو في القدر المشترك بينهما للزم أن نكون شافعين في النبي ـ عليهالسلام ـ عند سؤالنا زيادة درجاته. لا يقال : إنّا لا نطلق ذلك ، لأنّ الشفاعة تقتضي العلوّ والاستعلاء. لأنّا نقول : إنّ ذلك باطل من وجهين : أحدهما : إنّه لو كان ذلك مشترطا في إطلاق اسم الشفاعة ، لكان مستفادا بالنقل عن أهل اللغة ، لأنّه اصطلاح محض ، لكن النقل منتف يحقّقه السبر (١٦١). الثاني : لو كانت الرتبة معتبرة بين الشافع
__________________
(١٥٩) قال الفاضل المقداد في اللوامع : الخامس : المسقط الخاصّ بالمؤمنين وهو نوعان : الأوّل : الشفاعة عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أو أحد الأئمة ـ عليهمالسلام ـ الأوّل بإجماع المسلمين ، والثاني بإجماعنا ... ص ٤٠٤.
(١٦٠) للفظ أحوال خمسة وهي التجوّز والاشتراك والتخصيص والنقل والإضمار ، لا يكاد يصار إلى أحدها في ما دار الأمر بينه وبين المعنى الحقيقي إلّا بقرينة صارفة عنه إليه. وأمّا إذا دار الأمر بينها فالاصوليّون وإن ذكروا لترجيح بعضها على بعض وجوها ، إلّا أنّها استحسانيّة لا اعتبار بها ، إلّا إذا كانت موجبة لظهور اللفظ في المعنى ، لعدم مساعدة دليل على اعتبارها بدون ذلك كما لا يخفى. كفاية الاصول للخراساني ص ١٨.
(١٦١) أي الرجوع إلى كتب اللغة كالصحاح.