فكذلك يجب أن يضاف إليه صحة أن لا يفعل. ولأنّ الفعل موقوف على داعيه وواقع بحسبه ، فيضاف إليه لذلك ، وكذلك إبقاؤه على العدم موقوف على صارفه وبحسبه ، وكما اضيف الفعل إلى الفاعل ، يجب أن يضاف إليه أن لا يفعل.
وعن الثالث : لا نسلّم أنّه يلزم من قدرة الله تعالى على الإعدام من غير سبب قدرة الواحد منّا عليه ، بل لم لا يجوز أن يقدر الله عليه ابتداء وإن كان الواحد منّا لا يقدر عليه إلّا بسبب ، فإنّ الصوت يفعله الله تعالى ابتداء ، وإن كان الواحد منّا لا يقدر على فعله إلّا متولّدا ، (١٨٤) ، فما المانع أن تكون الحال في الإعدام كذلك؟
المقام الثاني في كيفيّة الفناء قال قوم بعدم العالم وخروجه عن صفة الوجود ودخوله في العدم المحض ، وقال آخرون بتفريق أجزائه مع بقاء تلك الأجزاء متّصفة بالوجود.
احتجّ الأوّلون من القرآن بآيات منها قوله تعالى : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) (١٨٥) وبقوله : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) (١٨٦) وبقوله : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)(١٨٧).
ويمكن أن يجاب عن الآية الاولى : بأنّا لا نسلّم أنّ الفناء هو العدم ، بل لم لا يجوز أن يكون إشارة إلى تفريق أجزائه وإبطال شكله وبنيته ، مع بقاء
__________________
(١٨٤) يعني بسبب.
(١٨٥) سورة الرحمن ، الآية : ٢٦.
(١٨٦) سورة الأنبياء ، الآية : ١٠٤.
(١٨٧) سورة القصص ، الآية : ٨٨.