ثمّ احتجّ بعجزهم عن ذلك بقوله : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (٦١) وهم كانوا يستمعون القرآن مجتمعين ومفترقين ، ولا معنى للتحدّي إلّا ادّعاء العجز عن ما أتى به المتحدّي.
وأمّا المعجزات المنقولة التي هي سوى القرآن فكثيرة :
منها انشقاق القمر وهي آية باهرة نطق بها القرآن المجيد (٦٢) لا يقال : لو كان ذلك حقّا لعلمه أهل الآفاق ولاشتهر في عوالم ذلك الزمان. لأنّا نقول : وقع ذلك ليلا ، والناس بين غافل ونائم ومستيقظ مشغول بدنياه ، فلعلّ اختصاص المسلمين بمعرفته كان لصرفهم العناية إلى مشاهدته ، ثمّ إلى نقله (٦٣)
ومن ذلك تكثير الماء القليل ، وقد وقع مرارا : تارة بوضع يده فيه وخروجه من بين أصابعه كما جرى في ميضاة أبي قتادة (٦٤)
وتارة بوضع يده فيه وتمضمضه منه ، ومجّ مضمضته فيه ، كما جرى في
__________________
(٦١) سورة الإسراء ، الآية : ٨٨.
(٦٢) (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) سورة القمر ، الآية : ١ ، ٢.
(٦٣) راجع «راه سعادت» ١٣٢ ـ ١٤٠ ففيه جواب بعض الشبهات حول هذا المعجز المذكور في القرآن الكريم.
(٦٤) في مناقب ابن شهرآشوب ١ / ١٠٥ : وفي رواية أبي قتادة : كان يتفجّر الماء من بين أصابعه لمّا وضع يده فيها حتّى شرب الماء الجيش العظيم وسقوا وتزوّدوا في غزوة بني المصطلق.
والميضاة : المطهرة يتوضّأ منها.